شهدت الليرة السورية تحسُّنًا كبيرًا في قيمتها خلال فترة قصيرة، لكن هذا التحسُّن أثَّر سلبًا على قطاع الإنتاج، خاصةً فيما يتعلق بحساب التكاليف والأرباح. فالأجور والرواتب التي تدفعها الشركات تضاعفت قيمتها بالدولار، ما أدَّى إلى ارتفاع التكاليف التشغيلية وتراجُع أرباح المصانع والشركات، وأجبر بعضها على وقف العمل.
على سبيل المثال، إذا كانت شركة تدفع 150 مليون ليرة شهريًّا رواتب للموظفين، وكان ذلك يعادل 10,000 دولار عند سعر صرف مرتفع؛ فإن التحسُّن السريع في قيمة الليرة جعَل المبلغ ذاته يعادل 20,000 دولار، مما تسبَّب في خسائر تشغيلية. هذه التغيُّرات المفاجئة دفَعت بعض المصانع إلى الإغلاق، ممَّا أدَّى إلى انقطاع دخل العُمّال، وبالتالي لم يكن التأثير إيجابيًّا لا لأصحاب المصانع ولا للموظفين.
كما أن الآثار السلبية لا تقتصر على قطاع الأعمال فقط، بل تمتدّ إلى الإيجارات وأجور النقل والخدمات. فلا تزال العديد من التكاليف محسوبة وفق سعر صرف 15,000 ليرة للدولار، رغم أن السعر الحالي أقل من 9,000 ليرة، مما أدَّى إلى زيادة الأعباء المعيشية. على سبيل المثال، إيجار منزل كان يعادل 100 دولار سابقًا أصبح الآن 170 إلى 200 دولار، ممَّا يُشكِّل ضغطًا ماليًّا متزايدًا على الأُسَر.
وعليه، يجب أن يكون هناك دور واضح للبنك المركزي في توضيح السياسة النقدية، وتحديد سعر الصرف المستهدَف خلال الفترات القادمة؛ فهذه الخطوة ضرورية لتمكين الفعاليات الاقتصادية من إدارة تكاليفها، إضافةً إلى حماية الأفراد والأُسَر من التقلُّبات الحادَّة في قيمة الليرة، وضمان استقرار الأسواق.