شَارِك المَقَال

 

تُشير بعض الأنباء إلى نيَّة الحكومة المُؤقَّتة زيادة الرواتب بنسبة 400%. وعلى الرغم من أنّ هذه الزيادة كبيرة؛ إلَّا أنَّ خزينة الدولة تستطيع تحمُّل هذه التكلفة؛ لكون الخزينة مُشبعة بالليرة، فالعجز بالعملات الصعبة وليس بالليرة.

 

كُتلة الأجور والرواتب في موازنة حكومة النظام السابق لعام 2024م كانت 6,000 مليار ليرة، ما يعني أنَّ الكتلة الشهرية للرواتب 500 مليار ليرة. لذلك وفي حال تمَّت زيادة الرواتب بنسبة 400%، سيتم في شهر واحد ضخّ 2,000 مليار ليرة في السوق، وهذه كمية ضخمة، قد يكون لها تأثير سلبيّ على التَّضخُّم وعلى الليرة.

 

هذا الرّقم الضَّخم من الليرات السورية قد يُشكِّل صدمةً نقديةً للسوق؛ لأنه سيزيد الطلب على السلع والخدمات بدون زيادة في العرض، وسيُسبِّب زيادةً على طلب الدولار؛ وهو ما قد يعني تراجُع قيمة الليرة.

 

من الممكن التَّخفيف من حدَّة هذه الآثار السلبية، وذلك في ظل العرض الكبير للبضائع التركية في الأسواق السورية، فتدفُّق السِّلع التركية قد يُعزِّز من العرض؛ بحيث يستطيع ولو بشكلٍ جزئيّ مقابلة الطلب المرتفع.

 

من إيجابيات القرار: أنه يُعالج جزءًا من الأزمات الإنسانية؛ لكون غالبية الموظفين الحكوميين غير قادرين على توفير المتطلبات الأساسية لأُسَرهم. ومن جهة أخرى يُحفِّز القرار الطلب الكُلّي في السوق ما يُحفِّز المنتجين على مزيدٍ من العرض، وبالتالي زيادة الإنتاج وتحريك عجَلة الاقتصاد.

 

أما سلبيات القرار فهي تتركَّز حول قدرة السُّوق على استيعاب الصَّدمة النقدية، وقدرته على تلبية الطلب الكبير الناتج عن الزيادة النقدية، إضافةً لمخاطر تدنّي قيمة العُملة، والدخول في موجة تضخُّم جديدة.

 

عموماً تجزئة الزيادة على عدَّة دفعات قد يكون أفضل؛ لكونه يُتيح للسُّوق التأقلم مع المتغيرات النقدية على مدار عدة أشهر، بدلاً من التأقلم معها في وقتٍ قصيرٍ.

شَارِك المَقَال