سجل التضخم في شهر مايو الفائت أعلى معدل خلال أكثر من عقدين ليسجل 73%. وهي نسبة مرتفعة وخطيرة من شأنها عرقلة مختلف السياسات الاقتصادية التركية. إضافة لتركها آثاراً اجتماعية خطيرة. كما ستنعكس آثارها على المشهد السياسي. لا سيما في ظل اقتراب موعد الانتخابات الرئاسية. ولذلك من غير المستبعد أن تستثمر المعارضة التركية هذا الأمر في برنامجها الانتخابي. والسؤال هنا: ما أسباب ارتفاع معدل التضخم في تركيا؟
بصفة عامة تتعدد الأسباب المؤدية لارتفاع التضخم في تركيا. منها أسباب داخلية وأخرى خارجية. فالأسباب الخارجية تتمثل بارتفاع أسعار حوامل الطاقة والتضخم العالمي وتداعيات الحرب الروسية الأوكرانية وأزمة سلاسل التوريد. إضافةً لرفع سعر الفائدة الأمريكي والذي أدى لارتفاع مؤشر الدولار ليبلغ في شهر مايو قيمة 104. وهو ما سبّب ارتفاعاً في القيمة الحقيقية للواردات التركية.
أما الأسباب الداخلية لارتفاع التضخم في تركيا فتتمثل في خفض سعر الفائدة التركي. فالتخفيض وعلى الرغم من كونه يخالف الأعراف الاقتصادية إلا أنه كان خطوة صحيحة في ظل الظروف الداخلية والدولية التي رافقته. ولكن عقب المتغيرات الدولية التي أفرزتها الحرب الروسية تغيرت فعالية قرار تخفيض سعر الفائدة ليؤدي لزيادة الكتلة النقدية في السوق التركية. وبالتالي تحفيز التضخم.
في الحقيقة قد تفرض الظروف الدولية الحالية تراجع الحكومة التركية عن سياسة خفض سعر الفائدة. وقد تضطر لرفعها بمعدل 100 أو 200 نقطة على مراحل. وفي حال عدم القيام بهذا الأمر من غير المستبعد استمرار ارتفاع التضخم. خاصةً في ظل استمرار الظروف الدولية الحالية. وهنا لا بد من الإشارة إلى أن تخفيض سعر الفائدة لم يكن قراراً خاطئاً. ولكن تغيّر الظروف الدولية أثّر على فاعليته.