شَارِك المَقَال

في أحد تصريحاته المثيرة للجدل، قال دونالد ترامب عن أزمة الدَّيْن الأمريكي: “لا تقلق! ستكون أمريكا قادرة دائمًا على سداد ديونها؛ لأن الحكومة يمكنها ببساطة طباعة المزيد من المال”. ولكن هل كان يقصد ترامب قدرته كرئيس للدولة أو قدرة الحكومة الأمريكية على طباعة المزيد من الدولار؟ وبالتالي سداد ديونها بتلك الأوراق المطبوعة؟

 

من المؤكد أنه لم يكن يقصد ذلك، وأغلب الظن أنها كانت مجرد مُزْحَة، فلم يُكرِّر ترامب ذلك التصريح مرة أخرى أو يشير إليه، فالطباعة لمجرد سداد الديون، أو تجميع أموال سهلة، يعني فقدان الدولار لقيمته، بل حتى الإشارة لتلك الفكرة يُعدّ خطراً على الاقتصاد والدولار الأمريكي.

 

لا يوجد شخص قادر على إصدار أوامر بطباعة النقد الأمريكي سوى الاحتياطي الفيدرالي، والذي قام في يوليو 2015م، بطباعة أكثر من 213 مليار دولار، وذلك لسببين؛ الأول: استبدال الأوراق النقدية التالفة. والآخر حاجته لنقود إضافية تُواكب نُموّ الاقتصاد دون تضخُّم.

 

لكن ما يمكن أن يقوم به ترامب هو التيسير الكمّي، وذلك من خلال إدخال المزيد من الأموال إلى البنوك، ويعني التيسير الكمّي؛ تحسين السيولة في البنوك، ومِن ثَم زيادة قدرتها على إقراض المزيد من الأموال، وبالتالي انتعاش الاقتصاد. ولكنَّ هذا الأمر يجب أن يكون بحذرٍ شديدٍ؛ حتى لا تفقد الأموال قيمتها، وترتفع الأسعار، ما يعني ارتفاع معدلات التضخم.

 

على كلّ الأحوال؛ فإن ترامب يرى أن الدولار الأمريكي مرتفع القيمة يجعل الاقتصاد الأمريكي أقلّ قدرة على منافسة الاقتصادات الأخرى، ولذلك فإنه قد يقوم بتخفيض تلك القيمة لأهداف تجارية، وهو ما يمكن أن يحدث من خلال خفض أسعار الفائدة، أو التدخل المباشر في أسواق الصرف.

 

الدولار الضعيف الذي يسعى إليه ترامب، قد يُعزّز من الحرب التجارية بين أمريكا والصين، وقد يشهد العالم حرب عملات مباشرة، ما سيُؤثّر على الاقتصاد العالَمي، وقد ينتقل التأثير إلى منطقة الشرق الأوسط، خاصةً أنها ترتبط بعلاقات تجارية مباشرة مع كلٍّ من أمريكا والصين.

 

 

شَارِك المَقَال