استهداف إسرائيل لحزب الله واغتيال إسماعيل هنية -رحمه الله- في طهران يعد حدثاً سياسياً أكثر منه عسكرياً، فعلى الرغم من خطورة هذا الحدث على المستوى العسكري، فإن الهدف سياسي بامتياز، وهو يخرج عن حدود التخطيط الإقليمي ليكون أقرب إلى حدث دولي ذي أبعادٍ سياسية عابرة للحدود.
الأهداف الإسرائيلية
اغتيال القيادي والمستشار العسكري في حزب الله فؤاد شكر، كان في ظاهره رداً على استهداف حزب الله لبلدة مجدل شمس، لكن على الأغلب أن إسرائيل كانت تبحث عن ذريعة لاستهداف الحزب، خاصةً في ظل الضغوط السياسية التي يتعرض لها نتنياهو على الصعيد الداخلي.
اغتيال إسماعيل هنية -رحمه الله- يفوق في دلالته السياسية اغتيال فؤاد شكر، فهنية هو الشخص الأول في حركة حماس، واغتياله في طهران يشكل نصراً سياسياً كبيراً لنتنياهو، وفرصة لخروجه من أزمته السياسية الداخلية، خاصةً أن هنية أرقى شخصية سياسية اغتالتها إسرائيل منذ سنوات، وهذا ما يُحسب لنتنياهو على المستوى الداخلي.
الدور الأمريكي في اغتيال هنية
تشير الدلائل إلى أن نتنياهو تفاوض مع الأمريكيين على صفقة سياسية في زيارته الأخيرة؛ تُغطِّي أمريكا عملية الاغتيال سياسياً، مقابل تعهُّد نتنياهو بعدم جر المنطقة لصراع شامل في وقتٍ حساسٍ بالنسبة للانتخابات الأمريكية.
اللوبي الصهيوني في أمريكا له دور حاسم في وصول المرشحين إلى البيت الأبيض، وهذا ما يدركه نتنياهو جيداً، لذلك اختار التوقيت بدقة، فالأمريكيون مضطرون إلى دعمه طمعاً في الفوز بدعم اللوبي اليهودي.
الاغتيال واحتمالات التصعيد
بعد استهداف بلدة مجدل شمس، كانت هناك مساعٍ دولية عديدة للضغط على إسرائيل بعدم إشعال الجبهة الشمالية، وهذا ما وافقت عليه بالتأكيد مقابل مكاسب سياسية من الدول الضاغطة، وأهمها فرنسا وإيطاليا.
في طهران يبدو الأمر أكثر تعقيداً، لكن وصول مسعود بزشكيان إلى رئاسة طهران حديثاً، والتوجه المسالم للرجل، قد يحول دون ردٍّ إيراني واسع، وهنا قد تُخرج روسيا طهران من إحراجها بعدم الرد، من خلال حجة الضغط عليها، وعدم جر المنطقة لصراع واسع.
العالم أجمع يشهد توترات جيوسياسية متصاعدة، ولا أحد يرغب في تصعيد التوتر، كما أن الأزمات الاقتصادية تضغط بقوة على العالم، ففور اغتيال هنية ارتفع سعر الذهب والنفط بشكل كبير، لذلك الجميع متخوف من التصعيد.
حالياً من المتوقع أن يضغط كثير من دول العالم على أطراف التوتر بهدف عدم الانجرار إلى تصعيد شامل، ومن المتوقع أن يتم حفظ ماء وجه إيران وحزب الله من خلال عمليات استهداف رمزية، مثل إطلاق طائرات مسيرة أو استهدافات يسيرة.