شَارِك المَقَال

إعلان دول الجوار لليبيا رفضها لاتفاقها الأخير مع تركيا بشأن التنقيب عن النفط والغاز في مياه البحر المتوسط في المياه الإقليمية الليبية. بعد ثلاث سنوات من اتفاق ترسيم الحدود البحرية يأتي كخطوة متوقعة. من ذات الدول التي رفضت في 2019م اتفاقية ترسيم الحدود. وهذا ما يتطلب دراسة لطبيعة رفض هذه الدول لاتفاق التعاون التركي الليبي وتحديد مقومات هذا الرفض.

 

ما تفاصيل الاتفاق الليبي التركي الأخير؟

الاتفاق الليبي التركي عبارة عن مذكرة تفاهم بشأن التنقيب عن النفط والغاز في المياه والأراضي الليبية. ويأتي في إطار الشراكة السياسية والاقتصادية بين البلدين. والتي بلغت ذروتها في نوفمبر 2019م. حين وقعت الدولتان اتفاقية ترسيم الحدود البحرية المشتركة.

تشمل الاتفاقية منح أنقرة امتيازات في مجال التنقيب على الغاز في المياه الإقليمية والاقتصادية الليبية. وتعزيز التعاون بين البلدين في الجوانب العملية والتقنية والقانونية والتجارية في مجال الهيدروكربونات. و‌‎تطوير المشاريع المتعلقة بالاستكشاف والإنتاج والنقل والتنقيب عن النفط والغاز.

 

ما أهداف ليبيا من الاتفاقية؟

تصب الاتفاقية في مصلحة البلدين. لكن تظل ليبيا المستفيد الأكبر. من خلال مضاعفة إنتاج النفط والغاز بحقولها؛ حيث يصل حجم إنتاجها الحالي من النفط إلى مليون و25 ألف برميل يومياً. أما من الغاز فيصل إنتاجها إلى ملياري قدم مكعب يومياً.

أضف إلى ذلك الدعم السياسي الذي ستحصل عليه حكومة طرابلس في صراعها مع نظيرتها بالشرق. ودعمها في تنفيذ مخططها بالانتخابات المقبلة وفق خريطة طريق مختصرة. من خلال التنسيق مع تركيا لحشد التأييد الدولي لهذه الرؤية.

 

ما أهداف تركيا من الاتفاقية؟

تأمل تركيا من خلال الاتفاقية إلى زيادة التبادل التجاري بين البلدين. والذي وصل إلى نصف مليار دولار مع نهاية الربع الأول من العام الحالي. وكذلك التوسع في مجال الطاقة والنفط الذي تضاعفت أهميته مع الحرب الروسية الأوكرانية. إضافةً لتعزيز الوجود التركي الاقتصادي والسياسي في إفريقيا بشكل عام. وفي شمال إفريقيا على وجه الخصوص.

 

ما أسباب انزعاج الدول الإقليمية من الاتفاقية؟

ليست الاتفاقية وحدها ما يزعج بعض الدول الإقليمية. ففي نوفمبر 2019م وحين وقعت تركيا اتفاقية ترسيم الحدود البحرية مع ليبيا رفضت اليونان وقبرص ومصر الاتفاقية آنذاك. لدوافع سياسية واقتصادية. بحجة أن حكومة طرابلس لا تمثل الدولة الليبية.

 

السبب الثاني أن تركيا لها مواقف سياسية تتعارض مع المواقف السياسية لبعض الدول الإقليمية. ووجودها بالنسبة لهم يثير حفيظتهم. ويقلل من نفوذهم داخل ليبيا. ويقلل من حظوظ حليفهم “حفتر” في فرض سيطرته على البلاد. حيث تصف حكومته هذا الاتفاق بأنه “غير قانوني وغير مقبول”. مهددة باللجوء للمحاكم الدولية لإلغائه.

السبب الثالث العداء التاريخي بين تركيا واليونان. والذي يجعل الوجود التركي في البحر المتوسط قبالة سواحلها سبباً كافياً لرفع درجة استنفارها للدفاع عن حدودها المائية. خاصةً أن الاتفاقية تتضمن التعاون في الجانب الأمني.

السبب الرابع والأهم أن كلا من اليونان ومصر وقبرص. يعتقدون أن تلك الاتفاقية وما قبلها ينتهك حقوقهم الاقتصادية في منطقة يشتبه في احتوائها على احتياطيات هائلة من الغاز الطبيعي. تصل وفق أبحاث أمريكية

 إلى قرابة 220 تريليون قدم مكعب. تزيد أهميتها مع ارتفاع أسعار الطاقة العالمية.

وفقاً للدول الرافضة للاتفاق فإن اتفاقية ترسيم الحدود البحرية بين تركيا وليبيا غير صحيحة. فهي تتجاهل المياه الاقتصادية لعدد من الدول. على رأسها اليونان وقبرص ومصر. وأن أيّ ترسيم للحدود لا بد أن يكون بالاتفاق بين كل الدول ذات الصلة.

من المستبعد أن يتم تنفيذ الاتفاقية في المدى القريب. نتيجة عدم وجود دعم دولي للتنقيب التركي عن النفط والغاز في مياه المتوسط. ونتيجة عدم ترسيم الحدود البحرية بشكل رسمي. لذلك يمكن وصف الاتفاقية بأنها سياسية في الوقت الحالي أكثر من كونها اقتصادية.

شَارِك المَقَال