شَارِك المَقَال

تكثر حالات التنمر العنصري التي يتعرض لها اللاجئون السوريون في دول اللجوء لا سيما في دول الجوار السوري. وأكثرها فظاعةً تلك المرتبطة بالتنمر الجماعي. ولعل حادثة إحراق مخيم للاجئين في مدينة المنية اللبنانية أكثر الحالات فظاعةً. وتأتي هذه الحوادث في ظل صمت محلي ودولي مريب. فحتى دعوات الاستنكار قلما تجد طريقاً لآذان السوريين.

 

ما موقف اللاجئين السوريين؟

بعد سنوات طوال من عمر الأزمة السورية واستمرار ملايين السوريين في الإقامة في دول اللجوء. مع تركز غالبيتهم في دول الجوار السوري. يمكن القول بأن اللاجئين قد شهدوا في بداية لجوئهم تعاطفاً دولياً واسعاً شعبياً وحكومياً. إلا أن هذا التعاطف بدأ بعد عدة سنوات في التراجع لتحل محله موجة من التذمر والتنمر والتمييز العنصري.

 

بصفة عامة قلما تخلو دولة أو مدينة يقطنها اللاجئون من أحداث قائمة على التمييز ضد السوريين. البعض منها وثقها الإعلام. والبعض الآخر لم يجد طريقاً للإعلام. وتواترت هذه الأحداث ومنها ما بلغ حد الجريمة كحادثة الاغتصاب الجماعي للطفل السوري محمد في لبنان. إضافةً لأحداث أخرى في تركيا والأردن وغيرها.

 

كيف ساهم اللاجئون السوريون في دعم اقتصادات دول اللجوء؟

من جهة أخرى يحتج بعض المناهضين للوجود السوري في دول اللجوء بأنهم أصبحوا عالةً على المجتمعات المضيفة. وأن اقتصاد بلادهم لا يقوى على احتضانهم. وهؤلاء يتجاهلون التقارير الاقتصادية العالمية التي تشير إلى أن السوريين قدموا لاقتصاد الدول المضيفة أكثر مما استفادوا منها.

 

إن السوريين افتتحوا في تركيا وحدها ما يزيد عن 15 ألف شركة وفي ألمانيا 4 آلاف شركة. وبلغت قيمة استثمارات السوريين في تركيا ما يزيد عن 1,5 مليار دولار. كما أكدت دراسة صادرة عن مركز الهجرة القسرية التابع لجامعة أكسفورد أن اللاجئين السوريين ساهموا بزيادة الناتج المحلي الإجمالي لدول اللجوء بما يقارب 25 مليار دولار.

 

غير أن هذه المساهمة الاقتصادية يبدو أنها لم تشفع للاجئين في مجتمعاتهم الحالية. وللأسف فإن استفادتهم من هذه المساهمة تعتبر زهيدةً مقابل الاستفادة الكبرى لأرباب العمل من السكان المحليين. وهنا لا نسعى لتصوير اللاجئين على أنهم مثاليون فلديهم سلوكيات خاطئة. إلا  أنها لا تخرج عن النطاق الفردي. فضلاً عن أن المجتمعات المضيفة هي الأخرى لديها أخطاء مثلها.

 

ما دور قيادات المعارضة السورية في الحد من التمييز؟

وهنا يفرض التساؤل نفسه: ما الإجراءات التي اتخذتها قيادات المعارضة السورية لا سيما الائتلاف لمعالجة ظاهرة التمييز؟ الحقيقة المفجعة أنها لم تقم بأي دور حقيقي في هذا المجال. حتى إنه لم يُلحظ أي إدانة أو استنكار لهذه التصرفات. فأي إجراء تم اتخاذه لم يرقَ لمستوى الحدث.

 

جدير بالذكر أن السوريين احتضنوا جميع اللاجئين من دول الجوار في نكباتهم كاللاجئين اللبنانيين والعراقيين والفلسطينيين. فالفلسطينيون لهم في سوريا ذات الحقوق للسوريين. فالسوريون اعتادوا على احتضان مَن جارَ الدهر عليه. وعندما جار الدهر عليهم يبدو أن الأبواب أوصدت دونهم.

 

لا شك أن إحراق مخيم اللاجئين في لبنان يرقى لجريمة إبادة مكتملة الأركان. فهو عقوبة جماعية لعشرات العوائل المهجرة. ومن المؤكد أن هذه الحادثة لن تكون الأخيرة. فخلال السنوات السابقة كانت حالات التنمر في ازدياد بعددها ونوعيتها. فالتهاون المحلي والدولي مع هذه الحالات دفع المتنمرين للتمادي في أفعالهم.

 

لماذا زادت حالات التنمر العنصري؟

إن الصورة العامة للاجئين السوريين على أنهم عالة اقتصادية حرّضت بشكل غير مباشر على ارتفاع معدل حالات التنمر العنصري. وهنا يبرز دور المنظمات الدولية الأممية وغيرها في حماية حقوق اللاجئين لا سيما حقوق الأطفال والنساء والفئات الأشد ضعفاً. كما أن الجهات المانحة تتحمل جزءاً من المسؤولية لناحية التأكد من وصول الدعم المادي والمعنوي لمستحقيه.

 

مع ذلك فإن إحراق #مخيم_اللاجئين كأحدث حالة تنمر وتمييز عنصري لا يجب أن تمر دون عقاب للفاعلين. فعلى #الحكومة_اللبنانية أن تكون حازمةً تجاه هذه القضايا. وذات الأمر يجب أن يتوافر لدى جميع الحكومات المحتضنة للاجئين. وبالتأكيد فإن الدور الأساس في هذا الأمر يقع على عاتق #الائتلاف و#الحكومة_السورية_المؤقتة من خلال التنسيق مع الحكومات والمنظمات الدولية.

 

في النهاية إن مما يحزّ في النفس أن المضطهدين هم من أبناء جلدتهم ويتقاسمون معهم التاريخ والجغرافيا والدِّين. وهنا نتذكر #نيلسون_مانديلا مُخلّص الأفارقة من الاضطهاد العنصري. مع فارق جوهري أن المضطهدين هناك لم يكونوا من أبناء جلدة الضحايا. فالأفارقة وجدوا في #مانديلا مخلّصاً لهم أما السوريون فلا مانديلا لهم.

شَارِك المَقَال