شَارِك المَقَال

يعتبر التمويل من أهم متطلبات الإنتاج. وغالباً ما ترتبط درجة التطور الاقتصادي في الدول والمجتمعات بدرجة تطور التمويل. وتعتبر الصناديق الاستثمارية من أكثر أدوات التمويل فاعليةً بمقارنتها مع البنوك والمؤسسات المالية. ولهذا فإن تأسيس صندوق استثماري في الشمال السوري يعتبر أولويةً تنمويةً. فما فرص نجاح مشاريع كهذه في الشمال السوري؟

 

في الحقيقة ينسحب هذا الوضع على الشمال السوري، لا سيما في ظل ندرة مصادر التمويل الذاتية. فالمنشآت الجديدة بحاجة للتمويل أكثر من المنشآت القائمة التي تستطيع تمويل أنشطتها تمويلاً ذاتياً. خصوصاً من خلال الأرباح المحتجزة أو غيرها من مصادر التمويل الذاتي.

 

 ما أهمية الصندوق الاستثماري للشمال السوري؟

من ناحية أخرى الصندوق الاستثماري في الشمال السوري بإمكانه لعب دور تمويلي مزدوج. فمن جهة يشكل وعاءً استثمارياً للأفراد الراغبين في استثمار أموالهم في الشمال السوري أو في المناطق المجاورة. لأن الاستثمار في هذه الصناديق يضمن للمستثمرين تقليل المخاطر الاستثمارية للحد الأدنى من خلال تشكيل محافظ استثمارية توزع المخاطر.

 

من جهة أخرى يساعد الصندوق الاستثماري في تمويل الأفراد والمستثمرين الراغبين في العمل والإنتاج في الشمال السوري. في نفس الوقت فهو فرصة تمويلية للمستثمرين والأفراد الراغبين في العمل وبحاجة لمصادر تمويل. كما يساعد هذا الصندوق على دعم مؤشرات الاقتصاد الكلي والجزئي لكونه يعمل على تحفيز #الإنتاج.

 

بالإضافة إلى ذلك تلعب صناديق الاستثمار دوراً مهمّاً في الحد من النزعة الاستهلاكية وفي تحفيز الادخار. لا سيما لكونها عالية المرونة وتقبل الإيداعات المنخفضة القيمة من قبل الطبقة المتوسطة. نتيجة لذلك فهي تلعب دوراً رئيساً في توجيه الكتلة النقدية نحو الاستثمار وسحبها من منافذ الاستهلاك.

 

ما أبرز مقومات وخصائص الشمال السوري؟

إن الشمال السوري يمتلك مقومات وخصائص تزيد من فرص نجاح مشروع تأسيس صندوق استثماري. لما يشهده من استقرار نسبي، وامتلاكه موارد اقتصادية تشجع على الاستثمار خاصةً في المجال الزراعي والرعوي، والاستثمار في مجال الصناعات التحويلية.

 

الشمال السوري يمثل منطقةً خصبةً للاستثمار الزراعي. فهذه المنطقة تنتج سنويّاً 200 ألف طن من الشعير و110 ألف طن من القمح. على سبيل المثال: تنتج مدينة عفرين وحدها ما يزيد على 14,400 طن من الرمان وتنتج 270 ألف طن من زيت الزيتون. علاوة على آلاف الهكتارات الصالحة للزراعة وغير المستثمرة. وهذه الإمكانات تشكل إحدى جوانب عمل الصندوق.

 

#الصندوق_الاستثماري يمكن أن يقدم خدمات استثماريةً في مجال إعادة إعمار الكتل السكنية. من خلال تقديم قروض سكنية خاصةً أن عدد الكتل السكنية المتضررة بالكامل في المنطقة تبلغ 19%. ناهيك عن التضرر الجزئي. من ناحية أخرى يمكن للصندوق المواءمة بين عمل صناديق الاستثمار العقارية وصناديق الاستثمار التنموية.

 

بصفة عامة يمتلك الشمال السوري المحرر موارد اقتصاديةً جيدةً لكن غالبيتها معطل حالياً. لهذا السبب فوجود صندوق استثماري من شأنه تحفيز استثمار هذه الموارد بما يدعم الاقتصاد الكلي والجزئي في المنطقة. كما يمكن أن يلعب دوراً مهمّاً في تمويل عملية إعادة الإعمار المرتقبة.

 

من جهة أخرى فإن الصندوق الاستثماري في الشمال السوري من شأنه تشكيل حلقة وصل تمويلية بين الشمال السوري وبين الدول الأخرى. وذلك من خلال إقامة علاقات تعاون وتنسيق مع الصناديق الاستثمارية الأخرى في الدول المجاورة.

 

كيف تُدار المخاطر المرتبطة بعمل الصندوق؟

ولكن من المتوقع أن يواجه الصندوق جملةً من المخاطر التشغيلية بالأخص الوضع الأمني. فعلى الرغم من الاستقرار النسبي إلا أن المنطقة تشهد بعض التفجيرات والفلتان الأمني وفوضى السلاح. كما أن الوضع الأمني قد يقود بعض المشاريع الممولة من قبل الصندوق للتعثر. وبالتالي التوقف عن السداد وخسارة رأس المال وتراجع إيرادات الصندوق.

 

إدارة المخاطر المرتبطة بعمل الصندوق تنطلق من عدة عمليات إجرائية. أولها الاعتماد على عقود التأمين لمعالجة حالات عدم السداد في حال حصولها. وفيما يتعلق بالمخاطر الأمنية يمكن معالجتها مع الحكومة التركية الضامن الأمني والسياسي للمنطقة ومع الأطراف المحلية الفاعلة. ويمكن تخصيص منطقة محددة لعمل الصندوق تكون متمتعةً بحماية خاصة.

 

من ناحية أخرى يمكن للصندوق عقد شراكات مع صناديق أخرى إقليمية ودولية. فالاتجاه العام في العالم يميل لتشكيل تحالفات وتكتلات مالية. وهذا الأمر يزيد من فاعلية الصندوق. كما أن العلاقات الاستراتيجية بين الصناديق الاستثمارية على مستوى العالم بلغت من الانتشار مرحلةً يمكن القول معها بأنها غدت سمةً لازمةً للعمل التمويلي والاستثماري.

 

ما متطلبات نجاح الصناديق الاستثمارية؟

بصفة عامة تلعب الصناديق الاستثمارية دوراً مهمّاً في إعادة الإعمار وفي حالات التعافي الاقتصادي المبكر عقب الكوارث. ففي العراق تبنت الصناديق الاستثمارية العالمية لا سيما الخليجية منها تمويلاً قدر ب 10 مليار دولار. كما قدمت صناديق الاستثمار الآسيوية 22 مليار دولار لإعادة إعمار الدول المتضررة من كارثة تسونامي عام 2004م.

 

في الوقت الحالي تعمل الصناديق الاستثمارية في ظل بيئة قانونية واضحة وذلك لضمان نجاحها وحمايتها من الإفلاس وحماية أموال المستثمرين. وتركز القوانين على حوكمة الصناديق المتعلقة بإعداد القوائم المالية وقواعد الإفصاح المالي. بهدف ضمان نجاح الصندوق وتمكين المستثمرين من الاطلاع على القوائم المالية الخاصة بالصناديق وإجراء عمليات التحليل المالي لها واختيار أفضلها أداءً

 

في نهاية المطاف فإن الصناديق الاستثمارية بحاجة لبيئة قانونية وتشريعية ناظمة لعملها وهذا ما يفتقده الشمال السوري. ويمكن تجاوز هذه العقبة من خلال قيام تحالف بين رجال الأعمال والصناعيين والمستثمرين بهدف توفير شروط نجاح الصندوق. وعلى وجه التحديد يمكن توسيع مظلة الاستثمار بين الجانب العقاري والتنموي وغيرها لتخفيف مخاطر العمل إلى أدنى مستوًى ممكن.

شَارِك المَقَال