شَارِك المَقَال

سجلت الليرة التركية تراجعاً نسبياً في الأيام القليلة السابقة. خاصة عقب الإعلان عن عملية عسكرية واسعة لموسكو شرق أوكرانيا تراجعت الليرة التركية أكثر من 2%. لتصل إلى 14.8 ليرة للدولار الواحد. في أدنى قيمة لها منذ وقت طويل. والسؤال هنا: لماذا تأثرت الليرة التركية مع التصعيد الروسي الأخير في شرق أوكرانيا؟

ما عواقب التصعيد الروسي في شرق أوكرانيا؟

يعد التصعيد الروسي الأخير في شرق أوكرانيا تهديداً مباشراً للاقتصاد التركي. خاصةً أن لتركيا علاقات اقتصادية متينة مع الطرفين. فأي تراجع اقتصادي لأحدهما سيؤثر سلباً على الاقتصاد التركي. وبالتالي على الليرة التركية.

من جهة أخرى فإن التصعيد الروسي الأخير في شرق أوكرانيا يخشى أن يكون بدايةً لتصعيد أكبر يشمل دولاً أخرى. وهو ما يدفع المستثمرين للتخلي عن الليرة. ويزيد الطلب على الذهب والدولار. وهو ما يقلل من سعر العملة التركية بشكل مباشر.

لماذا يتم التخلي عن العملات في زمن الحروب؟

في ظل الحروب ترتفع وتيرة التخلي عن العملات لصالح الأصول ذات الموثوقية. وعلى رأسها الذهب. وهو ما يفسر ارتفاع الذهب فور إعلان العملية العسكرية الروسية إلى 1948 دولار للأونصة.

لذلك يمكن القول بأن تراجع الليرة التركية سببه قلق المستثمرين من آثار الحرب في شرق أوكرانيا على الاقتصاد التركي. وهو ما دفعهم للتخلي عن الليرة لحساب الدولار والذهب.

ما هي أوضاع الليرة التركية قبل الحرب وبعدها؟

قبل الحرب كانت الليرة التركية مستقرة في نهاية 2021م. بفضل مخطّط يحمي الودائع بالليرة من انخفاض قيمة العملة وتدخلات البنك المركزي في سوق العملات. قبل أن تنخفض مرة أخرى بعد الغزو الروسي لأوكرانيا.

بعد الحرب تغيرت الأوضاع وأصبحت تكلفة الحفاظ على استقرار الليرة عالية للغاية. حيث سيكون من الأصعب إبقاء الليرة عند مستوى ثابت بالنظر إلى تدفقات الملاذ الآمن على الدولار. ولكن هذا لا يعني أن الأمور ستخرج تلقائياً عن السيطرة. لكن تظل مخاطر انخفاض الليرة تتصاعد.

من جهة أخرى فإن الارتفاعات المتواصلة في أسعار النفط والغاز والسلع ستؤدي إلى ارتفاع نِسَب التضخم في تركيا. خاصةً أنه من المرجح أن تظل أسعار المستهلك وخاصة أسعار المواد الغذائية مرتفعة لفترة طويلة من الزمن. تزامنًا مع ارتفاع أسعار السلع الأساسية على مستوى العالم.

بالإضافة إلى ذلك فقد قفز سعر نفط برنت ملامسا 130 دولاراً للبرميل للمرة الأولى منذ 2014م بسبب التوترات الأخيرة. علاوةً على تداول القمح عند أعلى مستوى له هذا العام. كل هذا يضاعف الخطر على الليرة التركية. خصوصاً مع إضافة الخسائر السياحية المتوقعة فإن الأمر يزداد صعوبة.

في الحقيقة من المرجح أن تشهد تركيا انخفاضاً حاداً في دخل السياحة والتصدير هذا العام. خاصةً من روسيا وأوكرانيا. وهما دولتان يمثلان الجزء الأكبر من زوّارها. وهو ما يقلل من العملات الصعبة الواردة إلى البلاد. ومن ثَم مزيد من الانخفاضات للعملة التركية مقابل الدولار.

أما فيما يتعلق ببرنامج الاصلاح الاقتصادي في تركيا. والذي أدى لاستقرار الليرة فترة ما قبل الحرب. والذي يعتمد على الودائع المحمية بسعر الصرف ومبيعات الاحتياطيات. فسيتعرض لمزيد من التوتر. مع ارتفاع التضخم الذي اقترب من 50% في يناير الماضي. ومن المتوقع أن يرتفع أكثر في الأشهر المقبلة.

في النهاية من الصعب التكهن بالمستقبل القريب لليرة التركية. ولغيرها من العملات كالروبل الروسي. وذلك لكون هذا الأمر لا يرتبط بالاقتصاد التركي بشكل مباشر. بل هو انعكاس لتبعات العملية العسكرية الروسية. لذلك فأي تصعيد عسكري إضافي سينعكس سلباً على الليرة. والعكس صحيح.

شَارِك المَقَال