شَارِك المَقَال

سجّل التضخم في تركيا الارتفاع الأكبر منذ 24 عاماً. ووفقاً للبيانات الرسمية فإن نسبته تجاوزت 70%. ووفقاً لدراسة أعدتها جامعة جون هوبكينز “Johns Hopkins” فإن التضخم في تركيا بلغ 119% على أساس سنوي. وبذلك تكون تركيا في المرتبة الثانية عالمياً بعد زيمبابوي. متفوقة على دول بها حروب واضطرابات كلبنان وسوريا وإيران وغيرها. والسؤال هنا: لماذا تحتل تركيا المرتبة الثانية عالمياً في التضخم متقدمة على دول تشهد حروباً وخراباً؟

 

ما أهم أسباب التضخم في تركيا داخلياً وخارجياً؟

ارتفاع التضخم في عدد كبير من الدول جاء نتيجة مباشرة وغير مباشرة لعدة أسباب اقتصادية وسياسية. كالإغلاق الاقتصادي عقب انتشار أزمة كورونا وأزمة سلاسل التوريد. وحالياً نتيجة تداعيات الحرب الروسية الأوكرانية. وهذه الأسباب أثرت على التضخم في أغلب دول العالم ومنها تركيا.

كغيرها من الدول تعاني تركيا من تبعات الأزمات العالمية على التضخم. إذ تشترك تركيا مع باقي دول العالم في التأثر بهذه القضايا. لكنها من ناحية أخرى تعاني من مشاكل ذاتية مقتصرة عليها. فالتضخم في تركيا مشكلة ناتجة عن أسباب داخلية وخارجية ولذلك ارتفعت نسبة التضخم في تركيا عن دول أخرى.

لفهم حقيقة هذا الارتفاع لا بد من الاعتراف بأنه ليس مشكلة جديدة. فعلى الرغم من كون التضخم ظهر بقوة في العامين الأخيرين إلا أن جذوره الحقيقية تعود لسنوات عديدة. وتحديداً إلى الأزمة المالية العالمية عام 2008م عندما تلقت كميات ضخمة من العملات الأجنبية لكنها انسحبت بسرعة وبشكل مفاجئ بعد عام 2016م.

من جهة أخرى تعاني تركيا من مديونية خارجية ضاغطة على التضخم. تقدر بأكثر من 400 مليار دولار. و65% منها مستحقة للقطاع الخاص. وبعضها قصير الأجل. إضافة لعدم وضوح واستقرار السياسة النقدية فيما يتعلق بسعر الفائدة وأثره على التضخم.

خلال السنوات السابقة تذبذب سعر الفائدة في تركيا بشكل حاد بين ارتفاع وانخفاض. وحالياً شكّل خفض سعر الفائدة والذي ترافق مع الحرب الروسية الأوكرانية ضغطاً كبيراً على التضخم. فخفض سعر الفائدة لم يحقق النتائج المرجوة منه نتيجة تداعيات الحرب الروسية الأوكرانية. وهو ما جعله يتحول لعامل سلبي ضاغط على التضخم.

في تركيا يأتي التضخم من جهة العرض والطلب. وهو ما يجعل السيطرة عليه صعبة نسبياً. وهو ما يفسر استمرار ارتفاعه. فأي سياسة تسعى لخفض التضخم على مستوى الطلب قد تؤدي لارتفاعه من جهة العرض. والعكس صحيح. وهذا ما يتطلب سياسة اقتصادية دقيقة. كما يحتاج لأكثر من عام للتمكن من السيطرة عليه.

شَارِك المَقَال