شَارِك المَقَال

بصفة عامة انتهى الجدل القائم حول خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي. انتهى بالخروج الفعلي. وعلى الجميع الآن بحث كيفية التعامل مع هذا الواقع. فلا يجوز التوقع بأن هذا الحدث سينتهي بواقعة الخروج. لأن الآثار المترتبة عليه قد تبقى لسنوات أو عقود. والسؤال هنا: ماذا يعني خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي؟

 

ما أسباب خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي؟

في الحقيقة خرجت بريطانيا من الاتحاد الأوروبي متذرّعة بحجج عدة. أبرزها ما يتعلق بالجانب الاقتصادي. فبريطانيا كانت ترى في الاتحاد ثقلاً اقتصادياً عليها. خاصةً بعد ضم عدة دول ذات اقتصادات ضعيفة في مطلع الألفية.

 

بالإضافة إلى ذلك كانت بريطانيا ترى أنها ببقائها في الاتحاد الأوروبي تدفع فاتورة تنمية دول أخرى ذات اقتصادات ضعيفة. ولكن هل يمكن القول بأن بريطانيا تحررت بخروجها من هذه القيود؟ أم أنها استبدلتها بقيود من نوع آخر؟ هذا ما ستبديه لنا الأيام القادمة.

 

نتيجة لذلك أُعطيت العلاقات البينية بين بريطانيا والاتحاد الأوروبي فترة انتقالية مدتها أحد عشر شهراً لفصل القضايا العالقة. بالإضافة إلى إتاحة الفرصة أمام الطرفين لعقد اتفاق تجاري ينظّم العلاقة الاقتصادية بينهما

 

ما أبرز عواقب خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي؟

عقب خروج بريطانيا من الاتحاد قالت رئيس المفوضية الأوروبية: إن فترة أحد عشر شهراً غير كافية لإبرام اتفاق تجاري مع بريطانيا. وكأنه تلويح بأن الخروج سيتم بدون اتفاق.

 

من جهة أخرى يعتبر البنك المركزي البريطاني أبرز المتخوفين بريطانيا من تبعات الخروج بدون اتفاق. ولذلك أكد أن بريطانيا قد تدخل في حالة ركود اقتصادي طويل عقب انتهاء الفترة الانتقالية. خصوصاً أنه لا يمكن التعافي من آثار هذا الركود لعدة سنوات.

 

كما أن خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي بدون اتفاق سيجبر بريطانيا على التعامل التجاري مع الاتحاد وفق معايير منظمة التجارة العالمية. وليس وفق معايير السوق الموحدة. مما سيؤدي إلى انخفاض حصة الفرد البريطاني من الناتج القومي الإجمالي.

 

مع هذا فإن الآثار السلبية التي قد تلحق الاقتصاد البريطاني في نهاية الفترة الانتقالية عام 2021م ستُلقي بظلالها على الاقتصاد العالمي. خصوصاً أنه لا يعيش أفضل حالاته في الآونة الأخيرة بسبب تداعيات جائحة كورونا وارتفاع أسعار الطاقة وغيرها. مما يعزز المخاوف من شبح أزمة عالمية قد تعصف بالاقتصاد العالمي برُمته.

 

علاوة على ذلك فإن خسارة بريطانيا منذ تشكيل البريكست حتى إعلان الخروج بلغت 170 مليار دولار بحسب وكالة “بلومبيرغ” البريطانية. والتي توقعت وصول الخسائر بنهاية عام 2020م إلى 200 مليار دولار. وهذه الخسارة تعد إضعافاً للنمو الاقتصادي العالمي.

 

غير أن الحكومة البريطانية تعتقد أن الآثار السلبية للخروج من الاتحاد الأوروبي في حال عدم التمكن من التوصل لاتفاق يمكن تخفيفها. زيادة على ذلك يمكن القضاء عليها تماماً باتفاقية تجارية مع الولايات المتحدة الأمريكية.

 

بناء على ذلك كان الرئيس الأمريكي قد وعد بريطانيا بإبرام أكبر اتفاق تجاري في التاريخ معها. ولكن هذه الوعود ليس بالضرورة أن ترى النور. خاصةً في ظل الوضع الداخلي للرئيس الأمريكي والتهديدات بعزله. الأمر الذي قد يقيّد قدرته على تنفيذ وعوده لبريطانيا.

 

كيف يتغلب الاقتصاد العالمي على عواقب خروج بريطانيا؟

من جهة أخرى إن الاقتصاد العالمي ليس بحاجة إلى تهديدات جديدة. فالتباطؤ الاقتصادي والحرب التجارية الأمريكية الصينية كفيلة بإنهاك الاقتصاد العالمي غير المستعد لأزمة جديدة ممثلة بخروج بريطانيا. وخاصة إذا انتهت الفترة الانتقالية بدون إبرام اتفاق.

 

تغلباً على عواقب خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي قد تلجأ بريطانيا لاتفاقات اقتصادية مع اقتصادات سريعة النمو. بهدف تخفيف الآثار السلبية لخروجها من الاتحاد. وخاصةً في حال انتهاء الفترة الانتقالية بدون التوصل لاتفاق.

 

بالإضافة إلى ذلك تخطط الحكومة البريطانية لعقد اتفاقات استثمارية وتبادل تجاري مع الهند وأستراليا وغيرها من الدول. وقد تخفف هذه الاتفاقات من الآثار السلبية للخروج ولكن لا يمكنها محوها أبداً.

 

على عكس ذلك يرى بعض المتفائلين أن خروج بريطانيا -ولو كان بدون اتفاق مع الاتحاد الأوروبي- يشكل فرصة للاقتصاد البريطاني والعالمي. على أي حال لدخول مرحلة إيجابية جديدة.

 

كما يعتقد بعض الخبراء أن خروج بريطانيا قد ينشّط حركة التجارة العالمية. من خلال عقد اتفاقات تجارية عابرة للقارات بين بريطانيا ودول عدة كالهند مثلاً. إلا أن هذا التفاؤل يصطدم -للأسف- بحقائق تناقضه حول العقبات الحقيقية في وجه هذه الاتفاقات.

شَارِك المَقَال