شَارِك المَقَال

بصفة عامة يعاني الشمال السوري من ضغوط اقتصادية عدة تؤثر سلباً على مستوى الدخل والمعيشة للسوريين في الداخل. وفي ظل هذه الظروف الضاغطة جاء تدني قيمة الليرة التركية لتزيد من حدة الضغوط. وتسبب ضغطاً إضافياً على معيشة السوريين. والسؤال هنا: ما آثار تدني قيمة الليرة التركية على اقتصاد الشمال السوري؟

 

 

ما فاعلية استبدال الليرة السورية بالتركية؟

بالطبع في ظل هذه الظروف الاقتصادية الضاغطة بدأت ترتفع أصوات تنادي بالعودة للتداول بالليرة السورية أو استبدال الليرتين السورية والتركية بالدولار. فما هي إمكانية تطبيق هذه البدائل؟ وهل هي بالفعل تُشكّل إنقاذاً حقيقياً للداخل السوري من ضغوطه الاقتصادية؟

 

بسبب التراجع الحاد في قيمة العملة التركية بدأت تعلو أصوات تردّد أن قرار استبدال الليرة السورية بالتركية لم يكن صائباً. ولذلك لا بد من التأكيد على أنه عند اتخاذ قرار الاستبدال كانت البدائل شبه معدومة. لذلك يمكن وصف قرار الاستبدال بالإلزامي.

 

في نفس الوقت فعند اتخاذ قرار الاستبدال كانت الليرة السورية تشهد تدهوراً غير مسبوق. وهو ما أفقدها وظائفها كوسيط للتداول وكحافظ للقيمة. ولذلك كان لزاماً استبدالها. والبدائل التي كانت متاحة آنذاك هي الليرة التركية أو الدولار الأمريكي.

 

على الرغم من أن الليرة السورية تشهد استقراراً نسبياً لمدة تزيد عن 6 شهور. ولكن لا وجود لأي ضمان اقتصادي بأن هذا الاستقرار مستمر. فالاقتصاد السوري متهالك وهذا ينعكس على الليرة. كما أن استمرار التقلب بين الليرة السورية والتركية يضرّ باقتصاد الشمال السوري. زيادة على أن التدني الحالي في قيمة العملة التركية ليس دائماً ومن المتوقع أن تعود للاستقرار قريباً.

 

ما فرص نجاح استبدال الليرة التركية بالدولار؟

في الحقيقة يعد اعتماد الدولار كعملة رئيسة في الشمال السوري منخفض الفاعلية. ناهيك عن صعوبة تطبيقه. فحتى تستبدل عملة حالية بأخرى جديدة يجب توافر مصادر إمداد مستقرة من العملة الجديدة. وهنا لا يوجد مصادر للدولار إلا تحويلات المغتربين وبعض التصدير إلى تركيا والذي لا يلبي الطلب الفعلي على الدولار.

 

من جهة أخرى فإن النقص في كمية العملة يعد مدخلاً لعجز نقدي. بينما في حال الليرة فالدولة التركية قدمت مصادر توريد مستقرة من الليرة من خلال مكاتب البريد. لذلك فاستبدال الليرة السورية بالدولار من شأنه الاضرار باقتصاد الداخل السوري.

 

لتوضيح هذه النقطة سنقدم الحالة اللبنانية كمثال. فعقب انهيار الليرة اللبنانية في الحرب الأهلية اللبنانية تم اعتماد الدولار بالتوازي مع الليرة اللبنانية. ونجحت عملية إدخال الدولار في التداول نتيجة وجود مصادر مستقرة للدولار والمتمثلة بالسياحة بالدرجة الأولى. إضافة لتصدير المنتجات الزراعية وغيرها.

 

كيف يمكن تقليل آثار تدني الليرة التركية؟

من ناحية أخرى وفيما يتعلق بأثر تدني قيمة العملة التركية على الأسعار في الشمال السوري فهي بالتأكيد ذات أثر سلبي واضح. وهنا يمكن اتخاذ عدة إجراءات. منها وضع حد أدنى للأجور والرواتب بحيث يتناسب مع الأسعار الجديدة.

 

وفي الوقت نفسه تعد سياسة دعم السلع الأساسية في الشمال السوري كأداة لدعم الأفراد منخفضة الفاعلية. وذلك كون هذه السياسة بيئة خصبة للفساد المالي. وهذا يظهر من خلال الفساد الهائل في مؤسسات النظام الذي يتبع مبدأ دعم المواد الأساسية.

 

في النهاية يمكن تخفيف حدة الضغوط الاقتصادية من خلال رفع مستوى الأجور والرقابة على الأسعار. بحيث لا تتجاوز مقدار التدني في قيمة الليرة. ففي ظل هكذا ظروف يستغل العديد من التجار ضبابية الأسعار لتحقيق أرباح إضافية على حساب المستهلكين.

شَارِك المَقَال