شَارِك المَقَال

بدأت سلسلة العقوبات الأوروبية والأمريكية على موسكو بإيقاف ألمانيا مشروع خط الغاز مع روسيا وحظر بريطانيا التعامل مع 5 بنوك روسية. وهي إجراءات وصفها البعض بـ “أم العقوبات”. ولكن يبدو أن روسيا استعدت لذلك من خلال تعزيز الاحتياطات الأجنبية لتصل إلى 631 مليار دولار كرابع أكبر احتياطي نقدي بالعالم. وهو ما يوفر سيولة لازمة في ظل العقوبات المتوقعة. والسؤال هنا: ما جدوى العقوبات الغربية على موسكو؟

كيف استعدت روسيا للعقوبات الغربية المتوقعة؟

حرصت روسيا مؤخرًا على تطوير صناعات محلية وتقليل الاعتماد على استيراد المنتجات الغربية. كما عززت إنتاجها الزراعي. لكن لا يعني ذلك الاستغناء تمامًا عن الاستيراد. وإنما يخفف من حدة أضرار العقوبات القاسية.

كما سعت موسكو لتصدير منتجاتها من الطاقة إلى حلفائها في آسيا وعلى رأسهم الصين. حيث أبرمت صفقة لتصدير النفط الروسي لبكين بقيمة 80 مليار دولار.

كيف ستعاني أوروبا من معاقبة روسيا؟

على الجانب الآخر سوف تعاني أوروبا بشدة في حالة توقف إمدادات الغاز الروسي لفترة طويلة. بالإضافة إلى ذلك فإن إيجاد مصادر بديلة تبدو مهمة مستحيلة. فإنشاء خطوط أنابيب جديدة ومنشآت لتسييل الغاز مهمة تستغرق سنوات طويلة.

ومما يزيد من حدة الأزمة أن تصاعد الضغوط على إمدادات الطاقة في أوروبا يأتي مع انخفاض درجات الحرارة هذا العام لمستويات متدنية.

الحل بالنسبة لأوروبا هو الاعتماد على الغاز البديل من النرويج التي توفر قرابة 20% من الغاز الطبيعي للقارة العجوز. وتعتمد في ذلك على خطوط أنابيب تحت البحر. وفي تلك الحالة فإن على أوسلو أن توفر أقصى ما لديها من إمكانيات لإشباع حاجة أوروبا المتزايدة. علاوةً على التعاون مع كبار مصدّري الغاز الآخرين خارج القارة وعلى رأسهم قطر. إلا أنها حلول جزئية تخفّف من المشكلة ولا تحلّها.

أما عن أسعار النفط. والتي لامس فيها سعر برميل 100 دولار. كأعلى مستوى له منذ 7 سنوات. فمن المتوقع تواصل هذا الارتفاع خلال الفترة المقبلة. فأوروبا تعتمد على روسيا في توفير 40% من احتياجاتها من الغاز و25% من النفط. ومع رفض مجموعة “أوبك بلس” زيادة إنتاج النفط لخفض الأسعار فلا يوجد أفق واضح لتوقف ارتفاع أسعار حوامل الطاقة.

في النهاية لا بد من الاعتراف بأن العقوبات الاقتصادية على موسكو ستؤثر عليها. لكنها لن تصل لمرحلة دفعها للتراجع عن مواقفها. خاصةً أن العقوبات الحقيقية ستؤثر على الغرب أيضاً. بل على الاقتصاد العالمي برمته.

هذه العواقب الاقتصادية الصعبة تضع الغرب بين أمرين أحلاهما مُرّ. إما معاقبة روسيا عقوبات تتمكن من تلافيها. أو معاقبتها عقوبات قاسية لكن أثر هذه العقوبات سيطال الجميع.

شَارِك المَقَال