شَارِك المَقَال

تعد زهرة التوليب من الأزهار ذائعة الصيت وتتمتع بشكل جميل وألوان زاهية. ولكن هل من الممكن أن يكون لهذه الزهرة علاقة بالاقتصاد؟!

بعض الاضطرابات الاقتصادية أو بعض الأزمات تسمى بأزمة أو فقاعة التوليب. بينما يسميها بعض علماء النفس بهوس الخزامى. وتعود جذور هذه الأزمة إلى هولندا وتحديداً إلى القرن السابع عشر. ففي النصف الأول من هذا القرن حدثت فقاعة اقتصادية كبيرة والتي تعتبر أول أزمة اقتصادية في العالم وسببها زهرة التوليب.

 

زهرة التوليب وفقاعة اقتصادية كبيرة:

دخلت زهرة التوليب إلى هولندا في أواخر القرن السادس عشر آتية من الدولة العثمانية. ولاقت رواجاً واسعاً. وكان إنتاجها قليلاً بحكم برودة الطقس. وتمكن بعض المزارعين من تهجين بعض أبصال التوليب لتلائم مناخ هولندا. ولهذا السبب بدأت تنتشر تجارة الأبصال المهجنة وبدأ سعر زهرة التوليب بالارتفاع.

من جهة أخرى بدأت أسعار أبصال زهرة التوليب بالارتفاع بشكل جنوني بدءاً من عام 1635م. وأصبح اقتناء أبصال نادرة منها دليلاً على المكانة الاجتماعية الرفيعة. وفي هذا العام أصبح سعر البصلة الواحدة لزهرة التوليب يعادل أجر عشرة شهور لمدرس أو لضابط في الجيش. وبعدها كان بالإمكان شراء مزرعة أو بيت ببصلة توليب واحدة.

بالإضافة إلى ذلك فبعد عدة شهور دخلت أبصال #زهرة_التوليب أسواق المال. وبات ثراء الشخص يحسب بعدد أبصال التوليب التي لديه. ثم انتقلت العدوى لبعض دول أوروبا ولكن بشكل أخف. وأمام هذا الواقع يمكن القول بأن فقاعة زهرة التوليب قد نضجت وبات انفجارها وشيكاً إلا أن أحداً لم ينتبه لهذا الأمر.

 

كيف انفجرت فقاعة زهرة التوليب؟

فجأة وفي عام 1637م قام بعض الأشخاص باستيراد مئات الآلاف من أبصال التوليب من الدولة العثمانية. وغرق السوق بأبصال التوليب وعادت هذه الزهرة لقيمتها الحقيقية وبات أثرياء هولندا أمام واقع مرير. فبعد انفجار هذه الفقاعة أصبحت ثروات كبار التجار الهولنديين لا تتعدى عدة أبصال من التوليب لا قيمة اقتصادية لها.

بعد انفجار فقاعة التوليب لم يبق أمام أثرياء هولندا إلا أن يتمتعوا بجمال ألوان هذه الزهرة وهم يشاهدون ثرواتهم تتبدد أمامهم. وعلى الرغم من أن هذه الفقاعة دمرت اقتصاد هولندا وأفقرت أثرياءها إلا أنه -وعلى ما يبدو- فإن ذاكرة العالم الاقتصادية ضحلة. فهذه الأزمة تكررت عدة مرات لا سيما في فقاعة الرهن العقاري عام 2008م.

 

هل هناك علاقة بين فقاعة زهرة التوليب وفقاعة البيتكوين؟

إن سبب فقاعة التوليب هو تسعير #زهرة_التوليب بسعر يفوق قيمتها بآلاف أو بملايين الأضعاف. وهذا الأمر قد يغري الأفراد للدخول إلى هذا السوق طمعاً بالربح السريع. غير أنه سينتهي الأمر بانفجار الفقاعة وعودة الأسعار إلى حقيقتها وبالتالي خسارة الأفراد والمستثمرين والحكومات.

من جهة أخرى قد يكون من المبكر الحديث عن فقاعة البيتكوين. إلا أنه ووفق ما تشي به الأحداث الاقتصادية ربما نشهد تشكل فقاعة توليب جديدة ولكن بسلعة جديدة وهي البيتكوين. إذ إن سعر البيتكوين تجاوز 50,000 دولار مما دفع العديد من الأفراد والمستثمرين لبيع مقتنياتهم وشراء البيتكوين. ولهذا لا يستبعد أن تنفجر هذه الفقاعة بعد عدة سنوات ويفلس هؤلاء الأشخاص.

 

السعر والقيمة.. علاقة محورية:

في الحقيقة تقودنا كل هذه المعطيات لقضية السعر والقيمة. فعندما يتجاوز سعر أي سلعة أياً كانت قيمتها الحقيقية لا يجب الانجرار وراء هذا الارتفاع. فمهما ارتفعت الأسعار لا بد أن تعود لقيمتها الحقيقية. وغالباً ما تتسبب الأرباح الآنية السريعة في غياب الحقيقة عن أعين الناس. وهذه الحقيقة تقول بأن السعر لا بد أن يعود ليساوي القيمة.

في النهاية إن فقاعة التوليب ستتكرر دائماً. فشهية الربح السريع والخالي من الجهد والتنظيم قد تعمي بصيرة المستثمرين والأفراد. كما أنه قد يكون لفقاعة التوليب إسقاطات اجتماعية ونفسية. فعلم الاقتصاد وعلم النفس استطاعا معاً تفسير ظواهر نفسية واقتصادية غير مفسرة كظاهرة قلم الحمرة وغيرها.

شَارِك المَقَال