شَارِك المَقَال

تنبّأ صندوق النقد الدولي خلال الأيام الماضية بأن بعض الدول في منطقة الخليج أو معظمها قد تواجه الإفلاس في عام 2034م. بسبب تراجع استهلاك النفط لحدوده الدنيا. ولتوقف إنتاج السيارات المعتمدة عليه كلياً. والسؤال هنا: هل من تأثير لتقلبات أسعار النفط على الاقتصاد؟

 

ما أسباب حالة الفوضى والتضارب في أسواق النفط؟

في الحقيقة إن حالة الفوضى والتضارب الحالية في أسواق النفط. وتراجع الإنتاج بمعدلات كبيرة بسبب فيروس كورونا. ربما يؤدي إلى تقديم موعد حالة الإفلاس الذي تنبّأ بها صندوق النقد الدولي. مما يجعل الدول تلجأ إلى الديون والضرائب والاقتراض.

 

في الواقع يرى صندوق النقد الدولي أن تراجع العوائد النفطية في هذه المرحلة. زيادةً على غياب أي مصادر واضحة وبديلة للدخل في هذا الوقت. ستنهي الدول التي باتت مرتبة على الربحية الريعية والترف.

 

كما يرى مراقبون أن روسيا لديها الحق في أن تضرب شركات النفط الأمريكية لإفلاسها وإخراجها من الإنتاج والسوق. وهذا مجال المنافسة الضاري. وعلى المدى الطويل سوف تكون هي وباقي الدول المنتجة للنفط من الرابحين.

 

من جهة أخرى قالت روسيا بأنها قد تتحمل انخفاض أسعار النفط لمدة تتراوح من ثمانية إلى عشر سنوات. وذلك بسبب ما تقدمه من حلول اقتصادية لهذا الأمر. ولكن هل ستتحمل باقي الدول المنتجة هذا الانخفاض المؤثر على اقتصاداتها بطريقة مباشرة؟

 

كيف ينظر المراقبون للأزمة النفطية؟

يرى بعض المراقبين للاقتصاد أن خطة رفع الإنتاج وما يعقبها من خفض أسعار النفط بالسوق العالمي. ما هي إلا عملية تنافسية ضارية بين الثلاثي الذي يتحكّم في إنتاج النفط في العالم. وهم السعودية وروسيا والولايات المتحدة.

 

من جهة أخرى يرى بعض المحللين للأزمة النفطية أن الولايات المتحدة ستكون المتضرر الأكبر إذا استمرت هذه الأزمة لبضعة أشهر مقبلة. خاصةً أنها تُنتج بشكل أساسي النفط الصخري العالي التكلفة في الاستخراج والمعالجة. فهل ستتحمل الأزمة؟ أم لا؟.

 

بالإضافة إلى ذلك فإن انخفاض الأسعار الحاد سيجبر الخزانة الأمريكية على التدخل وضخّ ميزانية لإنقاذ قطاع النفط بها. أما المتضرر الحقيقي من خفض الأسعار على المدى الطويل فهي دول العالم الثالث التي تعتمد على صادرات النفط. خصوصًا بسبب اقتصادها الهشّ والكثافة السكانية العالية.

 

من ناحية أخرى يرى بعض المحللين أن رفض روسيا لخفض الإنتاج كان بمثابة مشكلة كبيرة لمنتجي النفط الصخري في الولايات المتحدة. واشتداد المنافسة الحادة بينهم. خاصةً أن منتجي النفط الصخري يحتاجون إلى رفع الأسعار من أجل الاستمرار.

 

يؤكد عدد من خبراء النفط في العالم أن رفض روسيا لتوصيات منظمة  أوبك ” الأخيرة بخفض الإنتاج. واتخاذ قرار مفاجئ من السعودية إلى جانب الخفض المتفق عليه مسبقاً كان متوقعاً لأن روسيا ترى أن هذا الأمر ضد مصلحتها الاقتصادية.

 

بصفة عامة إن مما تؤكده الأزمة ويؤكده الخبراء أن الانخفاض المستمر في أسعار النفط سيؤثر بصورة واضحة على ميزانيات دول الخليج. فالكويت مثلاً ستتأثر وسيحدث عجز فعلي في الميزانية لمدة تتراوح من 3 إلى 6 أشهر. حتى تعود الأسعار للصعود.

 

ما أسباب الانخفاض المستمر في أسعار النفط؟ وما عواقبه؟

في الحقيقة يؤكد خبراء النفط في العالم أن انخفاض الأسعار سببه الرئيسي ليس فائض الإنتاج فقط. بل هناك أسباب أخرى. كالركود الاقتصادي بالعالم. وعجز السياسات المالية عن احتوائه. وانتشار فيروس كورونا وانعكاساته الاقتصادية.

 

في الوقت نفسه يُقدّر بأنه في حال احتواء كورونا فمن الممكن أن ينشط الوضع الاقتصادي أكثر مما هو متوقع. الأمر الذي قد يزيد الطلب على النفط. مما يساعد على المحافظة على الأسعار. ولكن في ظل المنافسة والقرارات الأحادية فلن يستقر الوضع.

 

من الواضح أن الضغط على الأسواق النفطية جاء في توقيت صاعق. مما يجعله مضاعفاً بسبب فيروس كورونا. والذي خلَق تراجعاً على طلب النفط. ويعمل على وجود وفرة في الإنتاج من دول منتجة للخام ستؤدي حتماً إلى ضربة في الأسعار.

 

بصورة شاملة لقد أصبح الأمر أكثر تعقيداً. فمنظمة “أوبك” لم تؤدّ واجبها بالشكل المطلوب في هذه الأزمة. والنتيجة الحتمية انهيار الأسعار. وكيف تستطيع “الأوبك” أن تعيد سعر النفط إلى نطاق الـ50 دولاراً تحت الظروف الاقتصادية والصحية الحالية؟

 

في النهاية إن انهيار اتفاق “أوبك” ورفض روسيا لمزيد من التخفيض سيؤدي إلى انخفاض الأسعار إلى ما دون 30 دولاراً للبرميل. وسيؤثر على الجميع سواء في روسيا أو في منطقة أوبك. بالإضافة إلى الركود الاقتصادي وأزمة كورونا.

شَارِك المَقَال