شَارِك المَقَال

تعاني البحرين مشكلة اقتصادية متفاقمة حيث تسجل عجزاً في الميزانية العامة تجاوز الـ3 مليارات دولار. ما تسبب في هبوط الاحتياط النقدي وخروج حجم المديونية عن السيطرة. وتسعى الحكومة منذ 3 أعوام لتقليص حجم الإنفاق العام وزيادة الإيرادات. بالإضافة إلى الالتفات إلى موارد أخرى أكثر أهمية على المدى البعيد.

 

يصل إجمالي الطلب على النفط بشقيه “الصخري والتقليدي” في البحرين في الظروف الطبيعية إلى 100 مليون برميل يومياً. قبل أن يتراجع الطلب إلى 80 مليون يومياً بسبب جائحة “كورونا”. وتسعى المملكة للارتقاء بمؤشراتها الاقتصادية من خلال ما تكتنزه الصخور من ذهب أسود.

 

بصفة عامة تتسم البحرين بمحدودية الكميات التي تمتلكها البلاد من النفط التقليدي. حيث يصل إنتاجها إلى 200 ألف برميل يومياً فقط. وهذه الكميات لا تفي باحتياجات الحكومة لتمويل الموازنة العامة للدولة. وهذا ما يحرك دوافع الحكومة إلى الاتجاه نحو الاستثمار في النفط الصخري.

 

ماهو النفط الصخري؟

النفط الصخري هو زيت خام عالي الجودة يوجد بين طبقات من الصخر أو الحجر الطيني. وتقوم شركات الإنتاج النفطي بالحصول عليه عن طريق تكسير التكوينات الصخرية التي تحتوي على طبقات النفط.

 

تعتزم البحرين الاستعانة بالاستثمارات الأجنبية في حفر الآبار الإنتاجية الأولى للنفط الصخري نهاية 2022م. هذه الخطوة ستدعم اقتصاد البلاد المنكمش بنسبة 8.9% خلال الربع الثاني من 2020م. خاصةً مع تراجع القطاع غير النفطي بنسبة 61% أثناء فرض القيود الاحترازية بسبب “كورونا”.

 

من المتوقع أن تنتج آبار النفط الصخري في البحرين قرابة 4 مليارات برميل. وهذه الكمية كبيرة جداً على دولة صغيرة مثلها. وستسهم هذه الكمية في تخفيض العجز السنوي للموازنة العامة للدولة -المقدر بـ 3.20 مليار دولار أمريكي- وتساعد الحكومة على تسديد مديونياتها.

 

من جهة أخرى تعكف حكومة البحرين على بحث خطة لحفر الآبار الإنتاجية للنفط الصخري. ستنفذها شركة تطوير للبترول على مجموعة من الآبار التقييمية. بهدف تعزيز استراتيجية الحكومة لجذب شركات النفط العالمية وحثهم على الاستثمار في احتياطيات المملكة الهائلة.

 

في الحقيقة توجه البحرين لاستثمار النفط الصخري بدأ منذ 2018م بعد اكتشاف حقل “خليج البحرين” قبالة ساحلها الغربي. خاصةً أنه أكبر كشف تحققه البحرين من الزيت والغاز منذ 1932م. حيث تقدر محتوياته بنحو 80 مليار برميل من النفط الصخري ومن 10 إلى 20 تريليون قدم مكعب من الغاز العميق.

 

على جانب آخر فإن روسيا من أكبر الدول التي تملك مخزوناً صخرياً في العالم. حيث تقدر احتياطياتها بنحو 70 مليار برميل. بالتالي سيفضي المخزون الهائل للبحرين من النفط الصخري إلى زيادة كبيرة في الإنتاج الرسمي. ولذلك تتطلع الحكومة لحفر مناطق برية مجاورة بالتعاون مع شركات أمريكية ذات خبرة.

 

خطة البحرين للتوازن المالي:

إن خطة البحرين للتوازن المالي (2018-2022م) تتضمن برنامجاً لإعادة هيكلة الميزانية العامة من خلال 6 مبادرات. أولها: تقليص المصروفات الثانوية للمؤسسات الحكومية. ثانياً: إقرار برنامج للتقاعد الاختياري لموظفي الخدمة المدنية بهدف الاستفادة من خبراتهم في مجال قطاع الأعمال الحرة.

 

بينما تنطوي المبادرة الثالثة لحكومة البحرين على تحقيق التوازن في موازنة الماء والكهرباء. والمبادرة الرابعة هي تقليص الدعم الحكومي المباشر. وخامساً تعزيز كفاءة الإنفاق الحكومي. وسادساً زيادة الإيرادات غير النفطية عن طريق وسائل عدة منها فرض الضرائب وتطبيق الرسوم الجمركية.

 

في تقارير حديثة توقع “النقد الدولي” تعافي معظم اقتصادات الخليج في 2021م بوتيرة أسرع من التقديرات السابقة. إذ رفع توقعه للنمو العالمي إلى 6% من 5.5% قبل أقل من 3 أشهر. وصارت توقعاته لنمو اقتصاد مملكة البحرين 3.3% في 2021م مقابل توقع أصدره في أكتوبر الماضي بنمو بنحو 2.3%.

 

من المؤكد أن النفط الصخري سيساهم بشكل مباشر في تدارك أزمة البحرين الاقتصادية. ويساعد- جنباً إلى جنب مع انتعاش العائدات غير النفطية في مرحلة ما بعد “كورونا” وتحقيق الانضباط المالي- في خفض معدلات العجز السنوي الخاص بالموازنة العامة للمملكة. وتسديد مديونيات الحكومة.

شَارِك المَقَال