شَارِك المَقَال

2020 كان عام الركود والتراجع الاقتصادي في الأردن. والآن تشهد المملكة عامًا جديدًا صعبًا خاصة مع استمرار تداعيات “كورونا”. التي فاقمت من صعوبة الأوضاع الاقتصادية في البلاد. فبلغ معدل الفقر في المملكة نحو 15,7% في خريف 2020، كما ارتفع معدل البطالة في 2020 ليصل إلى نحو 23%.

تصارع الحكومة الأردنية لتحقيق هدف رئيس في العام الجديد هو الحفاظ على الاستقرار المالي للمملكة مع استمرار الجائحة وإقرار موازنة هي الأصعب في تاريخ البلاد. التي تجاوز ديْنها العام حاجز الـ102% من الناتج المحلي الإجمالي.

من المتوقع أن ينكمش اقتصاد الأردن بنسبة 3%. وأن يبلغ عجز موازنة 2021 نحو 2.89 مليار دولار مقارنة بـ2,96 مليار دولار في 2020. وأن تنخفض المنح الخارجية إلى 813,5 مليون دولار، هذا وتجاوز عدد الأردنيين الباحثين عن العمل حاجز النصف مليون شخص.

أقرّت الحكومة الأردنية موازنة عام 2021 بنحو 14 مليار دولار، فقدرت حجم النفقات بـ 14 مليار دولار، والإيرادات بنحو 10 مليارات دولار، وسط توقعات بتعافي معدل النمو بنحو 2,5%، حال استمرار النشاط الاقتصادي في البلاد دون أي إغلاقات قد تفرضها جائحة “كورونا”.

 

قرض جديد:

الموازنة الضئيلة التي أقرّتها المملكة الأردنية لن تكفي وحدها لتغطية النفقات الحكومية، فوافق “النقد الدولي” مطلع يناير 2021 على دعم البلاد بقرض فوري بمبلغ 148 مليون دولار. لترتفع مدفوعات الصندوق للأردن في العام الماضي (2020) إلى 689 مليون دولار، بعد إضافة مبلغ القرض الجديد.

مدفوعات “النقد الدولي” للأردن تأتي ضمن برنامج بقيمة 1,3 مليار دولار لمدة أربع سنوات لمواجهة تداعيات “كورونا”. وحال تأخر السيطرة على انتشار الفيروس محليًّا وعالميًّا. ستتجِه الحكومة لمزيد من الاقتراض الداخلي والخارجي، وسترتفع المديونية لمستويات قياسية تهدد الاستقرار الاقتصادي.

استمرار “كورونا” يستتبع للأردن تراجعًا جديدًا لإيرادات الخزانة العامة، وانحسار قدرة القطاع الخاص على التصدير، وارتفاع الحاجة لتوفير تسهيلات تمويلية جديدة للقطاعات المتضررة وجدولة مديونيات الأفراد والقطاع الخاص، وتلافي ارتفاع معدلات البطالة بسبب إجراءات التسريح وعودة المغتربين.

 

متعثرون ومفلسون:

هناك أكثر من مليون متعثر ومفلس في الأردن، مطالبون بسداد نحو مليارين ونصف دولار في صورة ديون وشيكات بنكية مرتجعة. والتي ارتفعت قيمتها بنسبة 18% مقارنة بـ2020. وبلغ عدد قضايا التعثر العام الماضي نحو 134 ألف قضية. هرب بعض أصحابها إلى دول عربية وأجنبية.

كما تزداد المخاوف من اكتظاظ السجون الأردنية مع ازدياد أعداد المتعثرين سنويًّا، حيث بلغت نسبة إشغالها 150%. وبلغ عدد النزلاء في 2020 أكثر من 25 ألف نزيل، خاصة وأن هذه الأعداد تمثل عبئًا اقتصاديًّا ثقيلًا على خزينة الدولة، إذ تبلغ تكلفة السجين الواحد شهريًّا ما يقارب الألف دولار.

استضافة اللاجئين السوريين تمثل تحديًا رئيسًا لنمو اقتصاد الأردن، الذي يستضيف نحو 650 ألف سوري مسجّلين لدى الأمم المتحدة. بينما تقدر عمّان إجمالي عددهم منذ بدء الثورة السورية بنحو 1,3 مليون سوري، تكلّفت استضافتهم أكثر من 10 مليار دولار حتى نهاية 2017.

في محاولة من الحكومة الأردنية ومنظمات أمميّة أخرى لدعم مؤشرات اقتصاد المملكة من الانهيار، أقرّت في يناير 2018 خطة “الاستجابة للأزمة السورية داخل الأردن” للأعوام من 2018 إلى 2020 بتمويل يصل لـ7,3 مليار دولار، بما معدله 2,4 مليار دولار سنويًّا.

لوّحت الحكومة الأردنية- بالتزامن مع الإعلان عن موازنة 2021- بإمكانية اتخاذ قرارات اقتصادية غير شعبية لتخفيض عجز الموازنة. وصفتها بـ”التضحيات”، من بينها رفع الضرائب والرسوم، أو الاستغناء عن الموظفين وتخفيض رواتبهم، وإلغاء الإعفاءات الضريبية والجمركية.

 

إجراءات تحفيزية في الأردن:

أيضا أعلنت حكومة اﻷردن نهاية مارس الماضي (2021) عن إجراءات تحفيزية للقطاعات الاقتصادية المختلفة والمواطنين؛ لمواجهة تداعيات “كورونا”. تمتد حتى نهاية العام الجاري بتكلفة 448 مليون دينار. تشمل توفير 14 ألف فرصة عمل والمحافظة على 100 ألف فرصة قائمة في القطاع الخاص.

تشمل إجراءات تحفيز الحكومة الأردنية تأجيل الأقساط المترتبة على الأفراد للصناديق الحكومية، والإعفاء من الغرامات على ضريبة الأبنية والمسقفات حتى نهاية العام، وزيادة أعداد المشمولين ببرنامج الحماية الاجتماعية بواقع 60 ألف أسرة، وإعفاء العمالة الأجنبية الوافدة من 50% من تصاريح العمل.

في نهاية المطاف تبلغ مخصصات رواتب الجهاز المدني الأردني نحو 208 ملايين دولار شهريًّا، بالإضافة لـ189 مليون دولار للتقاعد المدني والعسكري، والتزامات الديْن العام الشهرية، والدعم النقدي لصندوق المعونة الوطنية. ما يشكل 65% من النفقات الجارية للدولة، وهي ضغوط كبيرة تعترض خطط التعافي الاقتصادي.

شَارِك المَقَال