شَارِك المَقَال

قراءة في كتاب “30 سببًا يجعل الموظفين يكرهون مدراءهم”

يعتبر كتاب “30 سببًا يجعل الموظفين يكرهون مدراءهم” من الكتب الهامة ذات الصلة بالإدارة ومناهجها. وهو من تأليف #بروس_كاتشر بالاشتراك مع #آدم_سنيدر وبرعاية ونشر الجمعية الأمريكية للإدارة، وهو مهم للموظفين وللمدراء.

يكتسب هذا الكتاب أهميته من كونه جاء نتيجة أبحاث ميدانية.. فتم الاعتماد على استمارة استبيان وزعت على أكثر من 50,000 موظف من 65 شركة مختلفة الحجم ومجال العمل. وهذا ما يعطيه أهمية تطبيقية مرتفعة، ويعطي نتائجه مصداقية مرتفعة.

يبدأ الكتاب بالقول: إن بعض المدراء قد يستغربون عنوانًا كهذا، فالبعض قد يقول: “أنا مدير منفتح أتعامل مع الموظفين باحترام وألقي عليهم تحية الصباح مبتهجًا. فما الذي يدفعهم لكراهيتي؟” يقول الكاتب إن هذه الصورة هي الموجودة في ذهن المدير، ولكن ماذا عن الصورة الموجودة في ذهن الموظفين؟ قد تكون مغايرة تمامًا.

يقول الكتاب: إن غالبية الشركات تنجح في خدمة عملائها وتكتسب سمعة جيدة في السوق.. إلا أنها تغفل أحيانًا نوعًا آخر من العملاء، هم عملاؤها الداخليون أي: الموظفون. وهم الأداة الفعلية في كسب ولاء العملاء الخارجيين، فإهمالهم سينعكس على ولاء العملاء الخارجيين حكمًا، وهذا ما لا ترغب فيه أي شركة.


أقسام الكتاب:

قسم الكاتب كتابه لستة فصول، تناول في كل منها مجموعة من الأسباب التي تدفع الموظفين لكره مدرائهم. وتم تبويب هذه الأسباب تحت عناوين عامة، بحيث يشتمل كل فصل على مجموعة متجانسة من الأسباب.

يبدأ الكتاب فصوله بعنوان “الموظفون يعاملون كالأطفال”. وفيه يقول الكاتب: إن أحد أهم أسباب كره الموظفين لمدرائهم هو أنهم يحسون أنفسهم عبيدًا.. وفي هذا الصدد يعرف المعجم العبيد بأنهم أولئك الأشخاص الذين ليس لديهم سيطرة على أنفسهم وبأنهم يحركون من قبل أشخاص آخرين، وهذا هو حال الموظفين تمامًا.

لتوضيح هذه النقطة يستعين الكاتب بتجربة اجتماعية أجرتها جامعة ستانفورد عام 1971م، حيث تم طلب 30 متبرعًا ليلعب 15 منهم دور السجان و15 دور المساجين.. وتم وضعهم في قبو الجامعة في ظروف تشابه السجون، وأعطي المساجين أرقامًا ولباسًا موحدًا ومنعوا من الخروج، وأعطي السجانون رتبًا وسلطة لفرض النظام، وتم مراقبة السجن عن بعد لملاحظة سلوك كل فئة.

بعد عدة أيام من التجربة استاء المساجين من واقعهم وحاولوا التمرد على السجانين.. إلا أن السجانين قمعوا التمرد وفرضوا سلطة أكثر قسوة.. وبعد أيام عدة ساء الوضع في “السجن” فالسجانون باتوا أكثر سادية مع زملائهم.. والمساجين أصابهم الإحباط وبعضهم بدأ في البكاء، وأوقفت الجامعة التجربة فورًا، وتم توجيه انتقادات حادة لهذه التجربة وطالب البعض بالتوجه للقضاء.

من نتائج هذه التجربة أن الإنسان يتقمص بدون أن يشعر الصفات المطلوبة في المنصب الوظيفي، وحتى إذا كانت تغاير شخصيته، فالطلبة الذين أخذوا دور السجانين كانوا مسالمين وطيبين، لكنهم تقمصوا باللاشعور دور السجان القاسي، وألحقوا الأذى الجسدي والنفسي بزملائهم.

يقول الكاتب من خلال هذا المثال: إن المدراء الصارمين مع موظفيهم ليسوا بالضرورة سيئين.. وقد يكونون في حياتهم الخاصة ودودين، إلا أنهم وباللاشعور يصبحون صارمين قساة القلب عندما يصبحون في موقع المسؤولية فيكرههم الموظفون.. ولهذا يقترح الكاتب أن يراقب المدراء سلوكهم وألا يسمحوا للطباع السلبية بالسيطرة عليهم.


الموظفون يكرهون مدراءهم..!!

يقدم الكاتب في فصول الكتب الأخرى أسبابًا عديدة لكره الموظفين لمدرائهم، منها عدم احترام الموظفين. وعدم تقدير الجهد النوعي، وعدم السماح بإبداء الرأي، والرقابة اللصيقة وفرض أساليب عمل إلزامية وعدم ترك مجال للموظفين لممارسة العمل بالشكل الذي يناسبهم لا سيما إذا كان يؤدي الغرض المراد.

ومن الأسباب أيضًا عدم العدالة في التعامل والأجور.. فالقوانين الداخلية لا تحترم بما فيه الكفاية، وعدم وجود الأمان الوظيفي.. وشعور العامل بأنه قد يستغنى عنه في أي لحظة. وعدم ترك مجال للموظف للاهتمام بشؤون عائلته، وهنا يذكر مثال على أنه جرى توبيخ موظفة كونها تلقت اتصالًا من ابنتها القاصر خلال وقت العمل دون الاكتراث بأهمية الاتصال وظروف العامل.

في نهاية الكتاب يقدم الكاتب بعض النصائح للمديرين للحفاظ على بيئة عمل سليمة في الشركة. ويشدد على ضرورة احترام المدير لموظفيه وعدم التهديد بالفصل، وإشراك العاملين في القرارات. وتقدير العمل المميز، والعمل على إحساس العاملين بأن الإدارة ممتنة لهم في حال قيامهم بواجباتهم كما هو مخطط لها.

أخيرا: يكتسب هذا الكتاب أهميته في كونه يدمج علم النفس بعلم الإدارة، ويحاول إيجاد تفسيرات علمية للسلوكيات السلبية لبعض المدراء وتقديم حلول لها. فهو ليس كتابًا أكاديميًا بقدر ما هو كتاب تطبيقي، ومن الصعوبة بمكان تغطية جميع جوانبه. فهو ذاخر بالمعلومات، ويشكل دفعًا هامًا لكل شركة. لذا يتوجب على كل مدير قراءته بتمعن.

شَارِك المَقَال