شَارِك المَقَال

بالطبع يشكل خروج موسكو من اتفاقية تصدير الحبوب تهديدًا مباشرًا للأمن الغذائي العالمي. وقد تتطور تداعياته إلى صدام عسكري بين موسكو والناتو. ما لم تنجح الوساطة التركية في إقناع روسيا بالعودة إلى الاتفاق. وإقناع الغرب بتقديم بعض التنازلات لموسكو.

 

ما هي صفقة تصدير الحبوب الأوكرانية؟

تم التوصل إلى اتفاق تصدير حبوب البحر الأسود قبل عام بوساطة تركية والأمم المتحدة. بهدف التخفيف من أزمة الغذاء العالمية بعد الغزو الروسي لأوكرانيا وإغلاق الموانئ. وهو ما دفع الأسعار لمستويات قياسية. وعلى مدار الـ 12 شهرًا الماضية تم تمديد الصفقة ثلاث مرات. آخرها في مايو الماضي. لكنها توقفت تمامًا في يوليو الجاري.

 

بموجب تلك الاتفاقية يتم السماح للسفن المحملة بالحبوب بالمرور بأمان في البحر الأسود. قبل أن يتم تفتيشها قبالة سواحل إسطنبول من قبل مركز للتنسيق يضم ممثلين عن روسيا وأوكرانيا والأمم المتحدة. للتأكد من أنها لا تحمل أسلحة.

 

كما ترجع أهمية الصفقة إلى كون أوكرانيا تمثل 10% من سوق القمح العالمي. و15% من سوق الذرة. و13% من سوق الشعير. كما أنها لاعب عالمي رئيس في سوق زيت عباد الشمس. وتوقف الصفقة يعني وصول 47 مليون شخص إلى حالة انعدام الأمن الغذائي الحاد.

 

لماذا خرجت موسكو من الاتفاقية؟

من وجهة نظر روسيا تبدو الاتفاقية أحادية الجانب لصالح أوكرانيا. فالعقوبات جعلت الشركات الغربية مترددة في العمل مع نظيراتها الروسية. فيما تدعم الاتفاقية تصدير الحبوب الأوكرانية. ما يجعل موسكو تقايض العودة للصفقة مقابل الحصول على ضمانات لتحرير صادراتها الغذائية.

 

السبب الثاني: عزل البنك الزراعي الروسي عن نظام SWIFT. ما أدى لعرقلة تصدير الأسمدة الروسية. واستيراد قطع الغيار للمعدات الزراعية.

 

السبب الثالث: رغبة روسيا في إنهاء العقوبات المفروضة على شركات الأسمدة والأشخاص المرتبطين بها. واستعادة خط أنابيب الأمونيا الذي يعبر أوكرانيا. وكلها أسباب تصب لصالح الزراعة الروسية.

 

السبب الرابع: رغبة روسيا في تأكيد قدرتها على النفوذ والسيطرة بعد التمرد الفاشل الذي قامت به قوات فاجنر. وتسليط الضوء على قدراتها في التحكم بالأمور.

 

ما آثار خروج موسكو من الاتفاق؟

في الحقيقة انسحاب موسكو من الاتفاق سيؤدي إلى صعوبات أمنية في الملاحة في البحر الأسود. وتعذر تصدير الحبوب من الموانئ الأوكرانية. ما يجعل أوكرانيا مضطرة إلى استخدام الطرق البديلة. وتصدير الحبوب بالشاحنات والقطارات والمراكب النهرية. ما يستغرق وقتًا أطول وتكلفة أعلى.

 

إضافةً إلى ذلك ستتعمق أزمة الغذاء العالمية. لا سيما بالنسبة للدول الفقيرة. والدخول في مرحلة من انعدام الأمن الغذائي. فعقب القرار الروسي ارتفعت العقود الآجلة للقمح لأكثر من 6%. وسيرتفع مؤشر أسعار الغذاء بأكثر من 20%. كما أن أكثر من 700 مليون شخص حول العالم سيواجهون خطر المجاعة.

 

أما في حال عدم إحياء الاتفاق فقد تقوم أوكرانيا بالتصدير خارج الاتفاقية. ما قد يدفع روسيا لاستهداف الناقلات. والناقلات ليست بالضرورة أن تكون أوكرانية الجنسية. مما يشكل تهديدًا مباشرًا باتساع نطاق الحرب.

 

في النهاية إن خطورة الوضع وإدراك كل الأطراف لحساسية القضية. سيكون حافزًا لإحياء الاتفاق. خاصةً في ظل الوساطة التركية المدعومة أمميا. وهو ما يعزز زيارة الرئيس بوتين المرتقبة إلى أنقرة الشهر القادم.

شَارِك المَقَال