شَارِك المَقَال

تترك عملية طوفان الأقصى آثاراً اقتصادية حادة على الاقتصاد العالمي عموماً وجهود مكافحة التضخم على وجه الخصوص. فمع ارتفاع أسعار النفط فإن خطر التضخم يهدد الاقتصاد العالمي مرة أخرى. وقد تؤدي الاتجاهات التضخمية الجديدة إلى تقويض الجهود التي تبذلها البنوك المركزية للسيطرة على التضخم. وهذا يمكن أن يؤدي إلى ارتفاع أسعار الفائدة لفترة أطول من المتوقع. ما يؤثر على توقعات النمو الاقتصادي العالمي المتباطئ بالفعل. بحسب صندوق النقد الدولي.

 

الآثار الاقتصادية على إسرائيل

أدت عملية طوفان الأقصى إلى آثار اقتصادية فورية على الاقتصاد الإسرائيلي. ففور انطلاق العملية انخفضت بورصة تل أبيب 8%. وتراجع مؤشر البنوك 8.7% والإنشاءات 9.52% والتأمين 9.38% والاستثمار 9.2%. وخسرت الأسهم الإسرائيلية في يومين أكثر من 20 مليار دولار.

 

كما تراجع الشيكل الإسرائيلي إلى أدنى مستوياته في سبع سنوات. ما دفع بنك إسرائيل المركزي لبيع 30 مليار دولار لدعم الشيكل. ومن المتوقع أن تخفض وكالة “موديز” التصنيف الائتماني لإسرائيل. ما يعني زيادة تكلفة الاقتراض وتراجع الثقة الدولية باستقرار الاقتصاد الإسرائيلي.

 

طالت الخسائر أيضاً تعطيل حركة النقل الجوي. ما يهدد بتوقف السياحة. وبالتالي خسارة الناتج المحلي الإجمالي الإسرائيلي 2.8% من قيمته. وخسارة 230 ألف عامل في قطاع السياحة لوظائفهم. كما اضطرت إسرائيل إلى إيقاف العمل بحقل “تمار” الغازي. والذي ينتج 8.5 مليون متر مكعب يومياً.

 

الخسائر الاقتصادية الأكثر حدة ستكون على المدى البعيد. ومنها هروب الاستثمارات الأجنبية. والتي تقدر قيمتها بـ 28 مليار دولار. وتساهم بـ 27% من الناتج المحلي.

 

والأثر الأهم قدرة المقاومة على التشويش على أنظمة المراقبة والتشويش على الرادارات الإسرائيلية. وفشل المعدات التكنولوجية في رصد الهجوم قبل حدوثه. ما أثر سلباً على سمعة الصناعة التكنولوجية الإسرائيلية وتراجع الاستثمارات بها. والتي تساهم بـ18.1% من الناتج المحلي الإجمالي. خاصةً أن إسرائيل تسوق لنفسها على أنها رائدة في مجال الصناعات التكنولوجية.

 

يبدو حجم الحرب الحالية يفوق بأضعاف حجمها في الحروب السابقة كحرب لبنان 2006م وحرب غزة 2014م. وهذه الحروب أدت لخسائر في الناتج المحلي الإسرائيلي بلغت 5% وفقاً لاعترافات إسرائيل. لذلك وقياساً على حجم الحرب وحدتها من المتوقع أن تتسبب عملية طوفان الأقصى بخسائر اقتصادية تصل لأضعاف خسائر الحروب السابقة.

 

التأثير على الاقتصاد العالمي

 

أبرز التأثيرات العالمية للعملية الفلسطينية هي تأثر مشروع إقامة الممر الاقتصادي بين الهند والشرق الأوسط وأوروبا (IMEC). خاصةً أن إسرائيل تعد محطة رئيسة منه. وهو المشروع الذي دعمته واشنطن الشهر الماضي على هامش قمة العشرين في نيودلهي. والذي أطلق عليه اسم المنافس الغربي لمبادرة الحزام والطريق الصينية.

 

وتدليلاً على ذلك شهدت أسهم السكك الحديدية في الهند انخفاضاً بنحو 5-6 في المائة لكل منها. بسبب المخاوف من أن تؤثر الحرب على خطة بناء ممرIMEC . كما انخفضت أسهم شركة أداني بورتس الهندية التي تمتلك ميناء حيفا في إسرائيل. بنسبة 5% يوم الاثنين لتصل إلى أدنى مستوى عند 794.15 روبية.

 

أدت الحرب أيضاً إلى ارتفاع أسعار النفط. فارتفع خام برنت بمقدار 2.25 دولار للبرميل ليصل إلى 86.83 دولار. وارتفع سعر خام غرب تكساس الوسيط بمقدار 2.50 دولار للبرميل ليصل إلى 85.30 دولار. وهو ما يقوض آمال النمو الاقتصادي العالمي. علاوةً على ذلك فإذا استمرت الحرب لفترة طويلة -أي أكثر من أسبوعين- فإن ديناميكيات النفط سوف تتغير. ومن المتوقع تجاوز خام برنت 90 دولاراً.

 

التأثير على سعر الذهب والدولار

في حالات عدم اليقين التي يعيشها العالم حالياً. وعدم معرفة المستثمرين بشأن كيفية تطور الأحداث في الفترة المقبلة. قد يدفعهم ذلك للاستثمار في سندات الخزانة الأمريكية والدولار الذي يشتريه المستثمرون تقليدياً في أوقات الأزمات. ما قد يؤدي لتراجع قيمة الدولار.

 

فور بدء العملية ارتفع الذهب أكثر من 1%. وقفز الذهب الفوري 1.2 بالمئة إلى 1853.79 دولار للأوقية. في حين ارتفعت العقود الأمريكية الآجلة للذهب 1.2 بالمئة إلى 1867.80 دولار أمريكي. وذلك نتيجة اتجاه المستثمرين لشراء الذهب خوفاً من تصاعد حدة الحرب وتحولها لحرب إقليمية.

 

تعد الخسائر الاقتصادية أكثر حدة من نظيرتها العسكرية. كونه وفور انتهاء الحرب تبدأ الآثار العسكرية بالتلاشي. بينما الآثار الاقتصادية تعد أكثر حدة وأكثر ديمومة. وقد تستمر لعقود. وتتسع دائرتها لتطال حتى الدول التي لا علاقة لها بالحرب. وتطال العلم أجمع أيضاً. وهو ما يزيد من الضغط الذي تتعرض له تل أبيب.

شَارِك المَقَال