شَارِك المَقَال

يواجه الاقتصاد السوري في مناطق سيطرة النظام السوري تراجعاً مستمراً يطال مختلف المؤشرات. وإن كان التراجع الراهن يعد الأقسى. والذي يمكن تشبيهه بالانهيار شبه التام. وتظهر ملامح الانهيار من خلال مؤشرات عدة تطال مختلف جوانب حياة السوريين.

ما مؤشرات الانهيار الاقتصادي في مناطق سيطرة النظام السوري؟

في الواقع لا يحتاج رصد الانهيار الاقتصادي في مناطق سيطرة النظام السوري لرصد وتحليل دقيقين. فكل المؤشرات تشير لانهيار متواصل. وأولى هذه المؤشرات استمرار تدهور المستوى المعيشي للأسر. وارتفاع معدلات الفقر التي تجاوزت 98%. وهي نسبة تنذر بكارثة اجتماعية.

المؤشر الثاني الفجوة بين الدخل والإنفاق. فمستوى دخل الموظف الحكومي لا يتجاوز 25 دولاراً شهرياً. بينما الحاجة الدنيا للأسرة المؤلفة من 5 أفراد تبلغ 2,25 مليون ليرة سورية شهرياً (375) وفقاً لمؤشر قاسيون. وهذا يعني أن الحد الأدنى اللازم للمعيشة يبلغ خمسة عشر ضعف الدخل!

المؤشر الثالث هو انعدام المحروقات. فمناطق سيطرة النظام تشهد أزمة محروقات هي الأقسى على الإطلاق. فتعطلت وسائل النقل الخاصة والعامة. وتوقف الإنتاج. واضطرت حكومة النظام لفرض عطلة يوم إضافي أسبوعياً بسبب عدم توفر الوقود لوسائل النقل. وتقول التقارير بأن الموتى في المستشفيات لا يمكن نقلهم للمدافن بسبب عدم وجود وقود للسيارات.

المؤشر الرابع هو الانهيار الحاد في قيمة الليرة السورية. فالدولار الواحد تجاوز 6,000 ليرة سورية. وهو ما عزّز من شلل الأسواق. وانعدام الحركة التجارية. كما شجع الاحتكار. وكل هذا فاقم من معاناة السوريين. إضافةً لغياب شبه تام للكهرباء. فمدة وصول الكهرباء لا تتجاوز ساعتين كل 24 ساعة.

كيف تؤثر أزمات حلفاء الأسد على نظامه؟

في الحقيقة تعد روسيا وإيران الحليفين الرئيسين للنظام. ولا يقتصر دعمهما على الجانب السياسي والعسكري. بل يشمل الجانب الاقتصادي. فعلى المستوى العسكري زجّت إيران منذ عام 2012م بميليشياتها إلى جانب قوات النظام. وفي عام 2015م تدخلت موسكو عسكرياً بعدما قاربت الثورة على الانتصار عسكرياً.

هذا الدعم قابله اتفاقيات اقتصادية. تمكّنت من خلالها موسكو من الاستحواذ على قطاعات حيوية في البلاد. مثل النفط والفوسفات ومعامل الأسمدة وعقود التنقيب في مياه المتوسط وميناء طرطوس. وبالمثل طهران التي حصلت على حصص في قطاعات الفوسفات والكهرباء والاتصالات وغيرها.

لكن مؤخراً وبسبب أزمات الدولتين. فكل ما اكتفت به إيران الإعلان عن زيادة كميات النفط الخام المورد إلى النظام. وفق آلية “الخط الائتماني” من مليونين إلى ثلاثة ملايين برميل شهرياً. لكنّ حكومة النظام أعلنت عكس ذلك. وبالنسبة لروسيا فلم تسجل رسمياً أي توريدات لحكومة النظام السوري.

غياب إيران وروسيا عن دعم سوريا لا يعود إلى العقوبات الغربية فقط. ولكن بسبب الكميات التي يمكن أن يقترضها النظام السوري. بمعنى ما هي مقدرتك الائتمانية وملاءتك المالية؟ وهو ما يفتقده نظام الأسد حالياً. فالنظام السوري لا يستطيع تحمل تكاليف الشحنات النفطية. ولم يعد لديه ما يضحي به للحلفاء مقابل دعمهم. والحلفاء بدورهم لا يقدمون دعماً مجانياً.

إضافةً إلى ذلك شكّل تعنت النظام وعدم استعداده لقبول أي تنازل سياسي تكريساً للأزمات الاقتصادية التي يعاني منها. لا سيما في ظل التراجع الحاد في إيرادات حكومته. وبدء بعض الموالين له بالخروج عليه. كما حدث في مظاهرات السويداء. وهو ما أدركته موسكو وطهران مؤخراً. وشرعتا في رفع يدهما عن الأسد. على الأقل على المستوى الاقتصادي.

سيناريوهات المستقبل الاقتصادي للنظام السوري

لا توجد أي بادرة أمل لحدوث انفراج اقتصادي حقيقي في مناطق سيطرة النظام. على الأقل في المستقبل القريب. فمن المتوقع أن تستمر الظروف الاقتصادية بالتدهور. خاصةً في ظل عدم وجود أفق للحل السياسي في البلاد.

ومع عدم وجود أي بوادر حقيقية لخطط إنقاذ روسية أو إيرانية. فيبدو أن القادم أسوأ. خاصةً مع توقعات انسحاب إيران من سوريا. سواء بشكل كامل أو جزئي. والذي سيؤدي إلى تقليص استحواذ طهران على مشروعات البنية العسكرية والاقتصادية في سوريا. والتي تتجاوز قيمتها 15 مليار دولار. فضلاً عن 30 مليار دولار استثمارات إيرانية في قطاعات الاقتصاد السوري المختلفة.

شَارِك المَقَال