شَارِك المَقَال

صعَّدت القوات الروسية الموجودة في سوريا من حملتها العسكرية بالأخصّ على البادية السورية. وتستعين هذه القوات بالغارات الجوية بشكل رئيس. من هنا يَبرز التساؤل التالي: ما الهدف الرئيس لهذه الغارات؟ وهل هناك مكسبٌ حقيقيٌّ يغطي تكاليف هذه الغارات؟ وما هو البُعد الاقتصادي للغارات الروسية على البادية السورية؟


الغارات الروسية في الميزان الاقتصادي

تعتبر الغارات الجوية من الجهود العسكرية المكلِّفة. ولذلك لا تلجأ الدول إليها إلا في حالة الضرورة القصوى، أو لوجود مكاسب محتمَلةً تبرر هذه الغارات. في الواقع إنّ غالبية الغارات الروسية في الآونة الأخيرة تركّزتْ على عمق البادية السورية، فما الذي تراهن عليه روسيا.

يعتبر المثلث الواقع بين المحافظات السورية حمص ودير الزور وحماة والرقة بالغ الأهمية اقتصاديًّا من عِدّة جوانب. فهو يقع في منتصَف سورية. بالتالي من شأنه التحكُّم بطرق المواصلات بين شرق البلاد وغربها. كما أنّ حكومة النظام تسعى لتفعيل الخط التجاري مع العراق، لذلك لا بد من تأمين هذا الطريق بالكامل.

وضعتْ روسيا يَدها على عِدّة مرافق حيوية في سوريا. وبعض هذه المرافق تقع في البادية أو على حدودها. كحقل الشاعر على سبيل المثال ومعمل غاز حيان ومناجم خنيفيس للفوسفات. وبالتأكيد فإنّ أيّ هجوم لداعش على هذه المرافق سيؤدي لتعطُّلها مما يعني خسارة روسيا لاستثماراتها. بناءً على ذلك تسعى روسيا لتأمين البادية وحماية استثماراتها.

تركّز روسيا على قطاع النفط السوري وتحاول الاستيلاء عليه. والمُطّلِع على مواقع الحقول النفطية السورية يدرك أن بعض الحقول تقع ضمن مناطق الغارات الروسية. فحقل وادي العُبيد الواقِع بين محافظتي دير الزور والرقة من الحقول الهامة ووجود داعش في المنطقة يجعل الاستثمار في هذا الحقل مَحفوفا بالمخاطر.

طالت الغارات الروسية جبل البِشري في غرب محافظة دير الزور، وهذا الجبل المَعقِل الرئيس لبقايا تنظيم داعش. وذلك بسبب كثرة المَغاور والكهوف به مما يعين عناصر التنظيم على الاختباء والتمويه. يعتبر جبل البِشري غنيًّا بالموارد الطبيعية، ففيه مقالع للرمل والرخام، ومناجم إسفلت وملح، ومن المُتوقَّع أن يحوي مناجم للنفط الصخري.

كل هذه المُعطَيات تجعل من البادية السورية هدفًا اقتصاديًّا إستراتيجيًّا لروسيا. الأمر الذي يجعل الغارات لا تتعدى أن تكون استثمارًا اقتصاديًّا بحُجّة سياسية.

شَارِك المَقَال