شَارِك المَقَال

قد لا يكون الرد الإيراني على هجمات إسرائيل على قنصلية طهران في دمشق كافياً بالنسبة للبعض. أو قد يكون تمثيلية بالنسبة للبعض الآخر. لكنه بلا شك لم يكن كذلك بالنسبة للاقتصاد. ولن تمر تطورات الأحداث السياسية مرور الكرام على أسعار الفائدة والاقتصاد العالمي وأسعار النفط والذهب والأسهم.

 

التأثير على أسعار الفائدة

بعد أن خفف الاحتياطي الفيدرالي من لهجته بشأن أسعار الفائدة. وشهد الاجتماع الأخير للبنك تثبيت الأسعار. كانت التوقعات تصب في صالح خفض أسعار الفائدة خلال الاجتماعات المقبلة. ولكن مع تصاعد التوترات السياسية سيكون الاحتياطي الفيدرالي أكثر حذراً بشأن تخفيضات أسعار الفائدة.

 

على الأقل سيتم تأجيل تلك الخطوة إلى سبتمبر المقبل بدلاً من يونيو. فالهجمات الإيرانية على إسرائيل تزيد من حدة التوترات في منطقة هي أساساً متوترة. ويظل الخطر الأكبر في التصعيد وكيفية استجابة أسعار الطاقة. لأن ارتفاع أسعار النفط يعني ارتفاع معدلات التضخم. ومن ثم التراجع عن خفض أسعار الفائدة.

 

التأثير على أسعار النفط

قبل بدء الهجمات الإيرانية أغلق سعر النفط مرتفعاً بنسبة 1%. متأثراً بالقلق من توترات الشرق الأوسط. ويوم الاثنين ومع افتتاح أسواق النفط من المتوقع أن تشهد الأسعار ارتفاعاً إضافياً.

 

تأثير الحرب -في حال تصاعدها- على أسعار النفط لن يقتصر فقط على توقف إمدادات إيران لسوق النفط. ولكن ستؤثر الحرب على سلاسل التوريد. خاصةً مضيق هرمز الإيراني وقناة السويس. لا سيما في حال اتساع التوتر وعودة الحوثيين لإغلاق مضيق باب المندب.

 

ومع إضافة عامل آخر وهو تمديد أوبك الطوعي لإنتاج النفط بمقدار 2,2 مليون برميل يومياً للحفاظ على استقرار السوق. فإن التوقعات تشير إلى ارتفاع سعر البرميل لأكثر من 100 دولار. وحينها سوف تتأثر السياسة النقدية لحد كبير سواء في الولايات المتحدة أو أوروبا.

 

التأثير على أسعار العملات الرقمية

انخفاض سعر البيتكوين بنسبة 7% ليصل إلى 64771 دولاراً. وهو أدنى سعر منذ عام. لن يكون نهاية الانخفاضات. فتبادل الضربات بين إيران وإسرائيل قد يتحول لحرب إقليمية. ما يعني أن تراجع العملات الرقمية قد يستمر خلال الفترة القادمة.

 

التأثير على أسعار الذهب

تشهد أسعار الذهب ارتفاعاً قياسياً. ففي وقت سابق تجاوز سعر الأونصة 2,400 دولار. ولاحقاً تراجع ليستقر عند 2,350 دولاراً. وحالياً بعد الضربات الإيرانية من المتوقع أن يعود للارتفاع. بحيث يصل لقمة سعرية جديدة.

 

علاوةً على ذلك فإن أي أعمال عسكرية جديدة أو إعلان عن إجراءات انتقامية سوف تدفع أسعار الذهب إلى الارتفاع. مع قدرة المعدن الأصفر على جذب المزيد ممن يتطلعون إلى التحوط ضد المخاطر الجيوسياسية.

 

التأثير على الاقتصاد العالمي

من المتوقع أن يؤدي الصراع المتصاعد إلى زيادة التضخم العالمي. نتيجة ارتفاع أسعار الطاقة وتضرر سلاسل التوريد. ما يعزز من عدم اليقين على مستوى العالم.

 

تصعيد الصراع في الشرق الأوسط يمكن أن يفرض المزيد من الضغوط على تكاليف واردات الطاقة في كبرى الاقتصادات الدولية. وعلى رأسها الصين. ما يترك آثاره على الاقتصاد الدولي بالكامل.

 

الصراع أيضاً من شأنه أن يزيد من تعقيد المشهد التجاري في الصين. خاصةً مع عمق العلاقات الاقتصادية بين الصين ودول الشرق الأوسط. حيث تضاعفت التجارة بين الصين والشرق الأوسط تقريباً في الفترة من 2017 إلى 2022. حيث ارتفعت من 262.5 مليار دولار إلى 507.2 مليار دولار.

 

التأثير على اقتصاد المنطقة

يؤثر تبادل الضربات بين إسرائيل وإيران بشكل مباشر على منطقة الشرق الأوسط. فمع البعد الجغرافي بين طهران وتل أبيب. من المتوقع أن يشهد المجال الجوي لكل الدول الواقعة بينهما حالةً من الطوارئ وتأثيراً سلبياً على حركة الطيران المدني. وهو ما سيكون له خسائر كبيرة على قطاعي السياحة والنقل. خاصةً مع بداية الموسم السياحي الصيفي.

 

في النهاية بغض النظر عن التأثير السياسي والعسكري للضربات التي وجهتها إيران لإسرائيل. والرد المتوقع من الأخيرة. إلا أن التداعيات الاقتصادية لتلك الضربات ستحمل العالم والمنطقة أعباء اقتصادية جديدة لا يمكن إنكارها أو غض الطرف عنها.

شَارِك المَقَال