تعيش منطقة الشرق الأوسط على صفيح ساخن منذ سنوات، لكن في ظل التصعيد الأخير بين إيران وإسرائيل، يبدو أن المنطقة تدخل مرحلة جديدة قد تعيد رسم خريطة “الشرق الأوسط الجديد“. فهل تشهد المنطقة تغيرًا جذريًا يعكس طموحات القوى الكبرى؟
في عام 2023، كشف رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو أمام الجمعية العامة للأمم المتحدة عن رؤيته للشرق الأوسط الجديد. استعرض خريطتين:
تُعيد هذه الخطوة إلى الأذهان اتفاقية سايكس بيكو، لكنها تطرح تصورًا جديدًا لمنطقة تتشكل وفق التحالفات الحديثة، وسط تجاهل متعمد لتطلعات الشعوب.
في محاولة لتشكيل الشرق الأوسط الجديد، شنت إسرائيل حربًا جوية خاطفة ضد المنشآت النووية الإيرانية. الهدف المعلن: تدمير البنية التحتية النووية ومنع إيران من امتلاك القنبلة.
لكن التحصينات القوية مثل منشأة “فوردو” والرد الصاروخي الإيراني الممتد لأكثر من شهر، عرقلت تحقيق نصر سريع لإسرائيل، بل تسببت في خسائر كبيرة للبنية التحتية الإسرائيلية، مما أدخل الحرب في منحنى خطير.
لم يكن بمقدور إسرائيل حسم المعركة دون الدعم الأمريكي المباشر. فقد تدخلت الولايات المتحدة عبر ضربات جوية قوية استهدفت ثلاثة مواقع نووية إيرانية. وظهرت تصريحات من ترامب وبعض المسؤولين تؤكد أن “حدثًا كبيرًا” قد يغير وجه المنطقة.
هذا التدخل يعكس النية الأمريكية القديمة في إعادة ترتيب أوراق المنطقة وفق مصالحها، ضمن تصور شامل لـ”الشرق الأوسط الجديد”، يبدأ بإضعاف إيران وربما إسقاط نظامها.
على الرغم من الاحتفالات الإعلامية، كشفت تقارير استخباراتية أمريكية أن الضربات لم تُحقق الهدف الكامل. في التقييم المبدئي أشار إلى أن البرنامج النووي الإيراني لم يُدمّر بالكامل، بل توقّف لأشهر فقط.
كما أثار تقرير الوكالة الدولية للطاقة الذرية تساؤلات جدية حول مصير المواد النووية شبه الجاهزة التي تمتلكها إيران، وهو ما يزيد الوضع تعقيدًا.
ما تسعى إليه تل أبيب وواشنطن هو شرق أوسط جديد خالٍ من النفوذ الإيراني. هزيمة إيران ستفتح الباب لتحالفات جديدة وصعود قوى إقليمية لملء الفراغ السياسي. لكن في المقابل، فإن انهيار النظام الإيراني دون خطة واضحة قد يُغرق المنطقة في فوضى ممتدة.
الخاتمة
ما طرح بعد إعلان النصر، يعيد حرب إيران إلى الواجهة مع إمكانية تجددها إذا لم يتم التوصل لحل جذري لبرنامجها النووي. وفي حال تمَّت هزيمة إيران، وأعلنت استسلامها، أو تم إسقاط نظام الحكم فيها؛ ستكون المنطقة أمام مرحلة جديدة بالكامل، وهو ما يتقاطع مع المخطط الأمريكي القديم وطموحات نتنياهو ببناء الشرق الأوسط الجديد.
والأكيد أن هزيمة إيران تعني فراغًا سياسيًّا وتغييرًا إستراتيجيًّا كبيرًا في منطقة الشرق الأوسط، ما يُمهِّد لبناء تحالفات جديدة، ويُعزِّز من صعود دور بعض دول المنطقة لملء الفراغ الذي ستتركه طهران إذا هزمت في حربها أمام واشنطن وتل أبيب
تفاصيل تشكيل الشرق الأوسط الجديد
ما هو الشرق الأوسط الجديد؟
الشرق الأوسط الجديد هو مفهوم يُشير إلى إعادة تشكيل خريطة القوى السياسية والاقتصادية في المنطقة، بعيدًا عن الترتيبات التقليدية لما بعد الحرب العالمية الأولى.
ما دور إسرائيل في تشكيل الشرق الأوسط الجديد؟
تسعى إسرائيل للهيمنة عبر تطبيع علاقاتها، وتقويض نفوذ إيران، وفرض وقائع جديدة مدعومة أمريكيًا.
هل هُزم البرنامج النووي الإيراني فعلاً؟
لا. تشير التقارير إلى أن الضربات أعاقت البرنامج فقط لأشهر، دون تدميره بالكامل، مع استمرار الغموض حول المواد النووية المخزنة.
لماذا تسعى أمريكا لتغيير خريطة الشرق الأوسط؟
لخدمة مصالحها الجيوسياسية، وتثبيت نفوذها، وضمان أمن إسرائيل، خصوصًا في ظل صعود قوى مثل الصين وروسيا.
هل تعتقد أن المنطقة على أعتاب شرق أوسط جديد؟ أم أنها مجرد مرحلة أخرى من الصراع المزمن؟
شاركنا رأيك في التعليقات أسفل المقال
[1]. Exclusive: Early US intel assessment suggests strikes on Iran did not destroy nuclear sites, sources say, By Natasha Bertrand&Katie Bo Lillis and Zachary Cohen, CNN, 25 June 2025. The link: https://edition.cnn.com/2025/06/24/politics/intel-assessment-us-strikes-iran-nuclear-sites