شَارِك المَقَال

تتسع رقعة التنافس الصيني الأمريكي بشكل مستمر. آخر حلقات هذا التنافس كان المشروع الأمريكي لربط الهند بالشرق الأوسط بأوروبا. ويبدو هذا المشروع رداً مباشراً على المشروع الصيني “الحزام والطريق”. وهو ما يعيد للأذهان الحرب الباردة. ولكن هذه المرة بأدوات اقتصادية.

ما هو مشروع الممر الاقتصادي بين الهند وأوروبا؟

في الواقع المشروع عبارة عن مبادرة أمريكية لربط الهند بدول الخليج العربي بحراً. ومنها إلى الأردن وإسرائيل عن طريق السكك الحديدية. ومنها بحراً إلى الاتحاد الأوروبي. أطلق على المشروع اسم “ممر الهند- الشرق الأوسط – أوروبا “(IMEC). وهو أول مبادرة تعاون في مجال النقل تضم الهند والإمارات العربية المتحدة والسعودية والاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة وإسرائيل.

يهدف المشروع إلى تعزيز حركة التجارة وتوفير موارد الطاقة وتحسين الاتصال الرقمي بين دول جنوب آسيا وأوروبا. ومن المتوقع أن يفيد بشكل أكبر الدول منخفضة ومتوسطة الدخل في المنطقة. ويتيح للشرق الأوسط القيام بدور كبير في التجارة العالمية.

أهمية المشروع تظهر من خلال اختصار الطرق التجارية التي تربط جنوب وجنوب شرق آسيا بأوروبا. فالطريق الحالي يمر بحراً عن طريق المحيط الهندي فالبحر الأحمر فقناة السويس فالبحر المتوسط. بينما الممر الذي يوفره المشروع يعد أقصر من الممر المعتمد حالياً.

بالطبع المشروع مهم بالنسبة للاتحاد الأوروبي. وذلك لكون المشروع يساعد في ربطه تجارياً بالشرق الأوسط وآسيا. مما يساعد في تقليل الآثار السلبية للحرب الروسية الأوكرانية على أوروبا.

كما أن للمشروع أهدافاً سياسية تتمثل في تعزيز جهود الولايات المتحدة الأمريكية لاعتراف السعودية بإسرائيل من خلال المصلحة الاقتصادية. حيث من المتوقع أن تربط خطوط السكك الحديدية بين الدولتين.

عقبات تنفيذ المشروع

من جهة أخرى للمشروع عقبات عدة. سياسية واقتصادية وفنية. فالممر المزمع إنشاؤه لا يخدم التجارة الدولية بالشكل الأمثل. لكونه يعتمد في جزء منه على الممرات البرية. فالنقل البري ضعيف الفاعلية جداً مقابل النقل البحري. فالنقل البحري يستحوذ على 80% من التجارة الدولية.

من الناحية السياسية أيضاً قد يواجه المشروع معارضة من العديد من الدول التي قد تتضرر منه. فهو يضر بتركيا التي تسعى لأن تكون مركزاً تجارياً دولياً. كما يضر بمصر كونه سيقلل من الاعتماد على قناة السويس. كما سيضر بالصين.

كما أن من العقبات أيضاً: التمويل. فالمشروع يحتاج تمويلاً يقدر بعشرات مليارات الدولارات. ومن غير الواضح حتى الآن مصادر التمويل. وإن تمت الإشارة بشكل غير مباشر للسعودية. من خلال قول الولايات المتحدة بأن للسعودية دوراً محورياً في المشروع.

المنافسة بين المشروعين الصيني والأمريكي

الولايات المتحدة صاحبة الفكرة والداعم الرئيس لها ليست جزءاً من هذا الخط. وهذا ما يطرح تساؤلات حول هدفها منه. والذي يبدو أنه يكرس فكرة العودة لمرحلة الحرب الباردة. ولكن هذا المرة من بوابة الاقتصاد وليس من بوابة سباق التسلح.

في الحقيقة إن المشروع الصيني أكبر وأوسع من المشروع الأمريكي. ويشمل 150 دولة وأكثر من 30 منظمة دولية. وحشدت الصين ما يقرب من تريليون دولار أمريكي وأنشأت أكثر من 3000 مشروع. ومن المخطط الانتهاء من المشروع بحلول عام 2049م. بينما المشروع الأمريكي غير واضح المعالم حتى الآن.

في النهاية من المبكر الحديث عن فرص نجاح المشروع الأمريكي. فما يزال في مرحلة الطرح الأولي. لكن عقباته تعد أكثر مقارنةً بعوائده. ومن الممكن أن يكون تحدياً سياسياً للصين. وهذا الأمر سيتبين خلال السنوات القليلة القادمة.

شَارِك المَقَال