شَارِك المَقَال

قد تكون روسيا انتصرت اقتصادياً في حربها ضد أوكرانيا. لكنّ هذا الانتصار محفوف بالعديد من المخاطر التي قد تحوّله لهزيمة بين عشية وضحاها. وأبرز هذه المخاطر هو تباطؤ الاقتصاد الصيني الحليف الرئيس لموسكو.

 

لقد حقق الاقتصاد الصيني معدل نمو في عام 2023 بلغ 5.2%. وهو أقل من توقعات صندوق النقد الذي توقع نموه بمعدل 5.4%. وحالياً يتوقع الصندوق أن يتراجع نمو الاقتصاد الصيني ليصل إلى 4.5% في عام 2024. وهذا التراجع يؤثر سلباً على الاقتصاد الروسي.

 

التأثير الأول يتمثل في انخفاض الفائض التجاري في روسيا عن العام الماضي إلى 140 مليار دولار. هبوطاً من 308 مليارات دولار في 2022. حيث تعد الصين الشريك التجاري الرئيس لروسيا. حيث تجاوز حجم التبادل التجاري بين البلدين 200 مليار دولار بنهاية العام الماضي.

 

التأثير الثاني يتمثل في انخفاض الطلب المتوقع على صادرات حوامل الطاقة الروسية. حيث بلغت صادرات النفط الروسية للصين 2,14 مليون برميل يومياً في 2023. ومن المتوقع أن يتراجع الطلب الصيني على النفط والغاز الروسيين في حال استمرار تراجع الاقتصاد الصيني.

 

التأثير الثالث المتوقع يظهر في انخفاض التبادل التجاري بين البلدين. حيث شكلت التجارة مع الصين 22% من إجمالي التجارة الخارجية لروسيا في عام 2022. بزيادة 29% على أساس سنوي. واستمر زخم النمو حتى 2023. حيث وصلت التجارة الثنائية إلى 94 مليار دولار في الفترة من يناير إلى مايو. ولكن هذه القيم قد تتراجع في عام 2024.

 

التأثير الرابع: يؤدي تباطؤ النمو الاقتصادي في الصين بجانب العقوبات التي تتعرض لها الشركات الصينية إلى تأثير سلبي على الدور الذي تلعبه بكين كمصدر بديل للواردات الحيوية لروسيا. فبحلول يناير 2023. تحولت 67% من الشركات الروسية إلى المعدات من الصين.

 

في الواقع إن الارتباط الاقتصادي بين روسيا والصين لا يمكن إنكاره أو التقليل من تأثيره على البلدين. سواء بالسلب أو بالإيجاب. وقد يكون هذا الارتباط كما هو نقطة قوة في حالة انتعاش الاقتصاد الصيني. نقطة ضعف كبيرة للاقتصاد الروسي إذا حدث العكس.

 

في النهاية تباطؤ الاقتصاد الصيني -والذي قد يؤثر على الاقتصاد الروسي- قد تصل ارتداداته إلى مستقبل الحرب الروسية الأوكرانية. خاصةً أن الاقتصاد يعد عاملاً حاسماً في تحديد مستقبل الصراع. فالضغط الاقتصادي على موسكو قد يدفعها للقبول بتقديم بعض التنازلات. شريطة أن تكون هذه الضغوط كبيرة لدرجة التأثير على القرار السياسي.

شَارِك المَقَال