شَارِك المَقَال

 

أحدثَتْ زيارةُ الوفد الرُّوسِيّ الأخيرةُ إلى #سوريا ولقاء مسؤولين سوريِّينَ كبار؛ على رأسهم #بشَّار_الأسد، الكثيرَ من الجَدَل؛ لا سِيَّما في المجال الاقْتِصَادِيّ، فترافقَتْ هذه الزيارة مع تصريحاتٍ بتقديم دَعْمٍ اقْتِصَادِيّ للنِّظام، وسعيٍ لكَسْرِ #الحِصَار_الدّوليّ عليه، لا سِيَّما التخفيف من تَبِعَات #قانون_قيصر.

 

ويرى المتفائلون بهذه الزيارة أنَّ #روسيا قد تنجح في بَدْء عمليَّة إعادة إعمار في سوريا؛ بغضِّ النَّظر عن المُمانَعَة الدوليَّة لهذه الخُطوة، فهل تنجح المساعي الرُّوسِيَّة؟

 

وقبل النقاش في احتماليَّة نجاحها؛ هل هي بالفعل تسعى لإنقاذ #الاقتصاد_السُّوريّ، أم هناك أجندات خاصَّة مغلَّفة بغلاف المُساعَدَات الاقْتِصَادِيَّة؟ هذه التَّساؤلات وغيرُها نناقشها فيما يأتي من النِّقاط.

 

تشير التَّصريحات المشتركة الرُّوسِيَّة السُّورِيَّة إلى نيَّة #روسيا افتتاح 40 مشروعًا ضخمًا في سوريا؛ لا سِيَّما في مجال #الطَّاقة ومشاريع أخرى حيويَّة، والَّتي يُنْتَظَر منها تحريكَ #الاقتصاد_السُّورِيّ، وإخراجَهُ من الدَّوَّامَة الَّتي دخَل بها.

 

إلَّا أنَّنا -وباستعراضٍ سريعٍ لاستثمارات روسيا الأخيرة في سوريا- نجد أنَّ غالبيَّة الاستثمارات تَصُبُّ في صالح #روسيا، وليس #سوريا. ففي استثمار مناجم #الفوسفات قُرْب #تدمر حصلتْ #روسيا بموجب عَقْد الاستثمار على 70% من العوائد مقابل 30% فقط ل #سوريا، وفي عَقْد استثمار #مرفأ_طرطوس حصلت روسيا على 65% وسوريا 35%، وهذه النِّسَبُ مُجْحِفَةٌ للغاية بحَقِّ سوريا، وهذا ما يمكن القياس على أساسه فيما يخصُّ الاستثمارات المُرتَقَبَة؛ فعلى الأغلب ستَصُبُّ في مصلحة روسيا.

 

فيما يخصُّ نيَّة روسيا كَسْر حصار #قانون_قيصر؛ فروسيا مهما علا شأنُها لا يُمْكِنُها مُواجَهَةُ #أمريكا، ولا يُمْكِنُها البَدْءُ بأيِّ إعادة إعمارٍ دون مُوافَقَةٍ أمريكيَّةٍ، والأمر الَّذي قد يُثِير التساؤل هنا: لِمَ هذا التوقيت في الحديث عن تأهيل البِنَى التحتيَّة، مع أنَّها مُدَمَّرَةٌ منذ سنواتٍ؟

وهنا يمكن القول بأنَّ هذه الوعود مبنيَّةٌ على تَفاهُمَات سِرِّيَّةٍ أمريكيَّة روسيَّةٍ، وحتمًا فإنَّ أمريكا لن تَقْبَلَ بهذا الأمر دون تنازلات جوهريَّة مِن قِبَل النِّظَام بضمانةٍ روسيَّةٍ، وقد تكون التنازلات هنا بالعلاقة مع #إسرائيل، وإن لم تكن علنيَّةً، إضافةً لمَنْح الأكراد حُكْمًا ذاتيًّا في إطار نظامٍ فيدراليٍّ، والأيام ستُثْبِتُ صِحَّةَ هذه التَّكَهُّنَات مِن عدمها.

 

تتذيَّل سوريا حاليًا قائمةَ الفساد وَفْق مؤشِّر الفساد العالميّ؛ فأيُّ تحسينٍ اقْتِصَادِيٍّ ستستفاد منه طبقةٌ محدَّدةٌ، مقابل فُتَات لا تُذْكَرُ لعموم الشَّعب، لا سيَّما أنَّ الوَضْع الاقْتِصَادِيّ السُّوريّ -بالرغم من تردِّيه الحاليّ- لا يُبرِّر الفَقْر المُدْقِع للشَّعب السُّورِيّ الَّذي وصَل متوسِّط دَخْله الشهري لـ 25 دولارًا فقط. فأحدُ الأسباب الرئيسة للفقر -إضافةً للحصار- هو الفساد المُستَشْرِي في مختلف القطاعات، فلا يمكن الحديثُ عن تحسين واقع الشَّعب، ولكنْ يمكن القول بأنَّ الاستثمارات القادمة ستَخْدِم طبقةً محدَّدَةً.

 

تتدنَّى شعبيَّة #الأسد ضِمْنَ البيئة الحاضنة له؛ نتيجةَ تفاقُم الفساد والفَقْر، لذلك يمكن النَّظر لهذه الوعود الرُّوسِيَّة بأنَّها محاولةٌ لزيادة شعبيّته ضِمْنَ بيئته؛ خَوفًا من أيّ تَخَلٍّ مستقبليٍّ عنه، لا سِيَّما أنَّ الانتخابات الرئاسيَّة ليست بعيدةً، ومن المُزْمَع إجراؤها العام المقبل.

 

لا تُشَكِّلُ #روسيا دولةً ناجحةً إداريًّا، فللفساد السياسيّ والإداريّ في روسيا حِصَّةٌ واسعةٌ؛ فمن غير الممكِن أن تتمكَّن روسيا من تقديم خدمات إداريَّة للمنشآت الاقْتِصَادِيَّة السُّورِيَّة؛ فقُدْرَة روسيا على الإدارة منخفضةٌ نِسْبِيًّا.

 

تكاد موارد النظام الاقْتِصَادِيَّة تنعدمُ، ممَّا يجعله غير قادرٍ أبدًا على دَفْع فاتورة التدخُّل العسكريِّ الرُّوسِيِّ، فقد تكون هذه المشاريع المُزْمَع إنشاؤها مساهمةً في رَدِّ الدَّيْنِ الرُّوسِيّ، لا سِيَّما أنَّها ستتِمُّ على الموارد السُّورِيّ، وخاصَّةً أنَّ التوقُّعات تقول بوجود حِصَّةٍ مُهِمَّةٍ لسوريا في غاز شَرْق المتوسِّط، الأمرُ الَّذي دفَع روسيا للاستعجال ببَدْءِ الاستثمار.

 

شَارِك المَقَال