شَارِك المَقَال

في الحقيقة يعد الاستثمار العامل الاقتصادي الوحيد القادر على تحسين واقع المؤشرات الاقتصادية الكلية والجزئية في الشمال السوري وتعزيز المؤشرات الاجتماعية.

لكن الاستثمار لا يمكن أن يتم دون توافر عدة متطلبات. على رأسها الاستقرار الاقتصادي والسياسي والأمني. وتوفر المتطلبات التشريعية والبنية التحتية وحوامل الطاقة وأسواق التصريف وبيئة مالية متطورة. وجزء كبير من هذه المتطلبات غير متوافر حالياً أو متوافر بالحدود الدنيا.

بالطبع مؤتمر الاستثمار في الشمال السوري يعد خطوةً مهمةً على تطوير وتشجيع الاستثمار في المنطقة. لكن لا بد أن يترافق مع خطوات تنفيذية أخرى. وبشكل عام تتوافر عدة مزايا للاستثمار في منطقة الشمال السوري. منها توافر الأيدي العاملة والقرب من مصادر الطاقة والقرب من أسواق التصدير المستهدفة وعدم وجود استثمارات في المنطقة.

لكن المنطقة في ذات الوقت لا تعد جاذبةً للاستثمار في ظل الظروف الحالية السائدة. فهناك هشاشة في الاستقرار السياسي والأمني. فالمنطقة مفتوحة الاحتمالات على تصعيد عسكري في أي لحظة. كما أن البيئة الاقتصادية العامة غير مستقرة. فالتضخم مرتفع. ولا توجد مؤسسات اقتصادية تدير المؤشرات المالية والنقدية. فحالياً لا يوجد استقرار نقدي في مناطق الشمال السوري. إذ توجد ثلاث عملات في التداول الليرة التركية والسورية والدولار الأمريكي. كما أن الليرة التركية متذبذبة وغير مستقرة.

من جهة أخرى من العقبات التي تواجه الاستثمار في الشمال السوري: غياب سياسة اقتصادية مستقرة. إضافةً إلى صعوبات تصدير الإنتاج. فالشمال السوري غير معترف به كحكومة رسمية. لذلك لا يمكن تصدير المنتجات المصنعة في المنطقة دون وجود شهادات منشأ. إضافةً إلى وجود الفصائل المسلحة التي تستقطب الشباب السوري. ما ينعكس على ضعف العمالة في سوق العمل.

أما فيما يتعلق بقدرة المؤتمر على تنشيط الاستثمار في المنطقة فهي خطوة مهمة. لكن ليست كافيةً. فهناك حاجة إلى وجود مؤسسات رسمية تهيئ البيئة الاستثمارية والتشريعية وتدعم البنية التحتية. كما لا بد من دعم سياسي من الدول الإقليمية والدولية. وكل هذا غير متوافر حتى اللحظة.

في النهاية كل العقبات يمكن تجاوزها. ولكن لا بد من دعم إقليمي ودولي من تركيا والدول الكبرى والمؤسسات الدولية. كما لا بد من وجود خارطة طريق عامة لحل القضية السورية. فالأوضاع السياسية والعسكرية الحالية لا تدعم الاستثمار. لكون المنطقة -وإن طال استقرارها- ستكون مرشحةً في أي لحظة لتصعيد عسكري. ورأس المال جبان. فوراً ستهرب رؤوس الأموال عند أي خلل أمني أو حدث عسكري.

شَارِك المَقَال