شَارِك المَقَال

خسائر الاقتصاد الهندي من الموجة الثانية لـ”كورونا”.. تشهد الهند حالياً موجة ثانية قوية وضخمة من إصابات كورونا بلغت ذروتها. حيث ارتفع المتوسط ​​المتحرك الأسبوعي للحالات الجديدة اليومية أكثر من 14 مرة منذ 11 فبراير الماضي بعد انخفاضه لمدة خمسة أشهر. ما يجعل الموجة الثانية أكثر حدة في طبيعتها من الموجة الأولى.

 

خلال مارس 2021 فقط ارتفعت الإصابات اليومية بكورونا في الهند لثمانية أمثالها. وزادت الوفيات لعشرة أمثالها. وفي الوقت الراهن تعلن الهند يومياً ما لا يقل عن 300 ألف إصابة جديدة و2767 وفاة. في أرقام هي الأعلى منذ بدء انتشار الوباء حيث تواصل تحطيم الأرقام القياسية.

 

بعد هذا التطور الخطير في معدلات الإصابة بـ”كورونا” في الهند. وتسجيلها الزيادة اليومية الأعلى في الحالات. باتت البلاد في المرتبة الثانية في تسجيل أكبر عدد من إجمالي الإصابات بعد الولايات المتحدة الأمريكية. حيث وصلت إلى 15.9 مليون إصابة ووفاة أكثر من 184 ألفاً و657 شخصاً.

 

في خضم الموجة الثانية لكورونا “كوفيد 19” يتأثر اقتصاد الهند سلباً بسبب تحجيم النشاط الاقتصادي وقرارات الإغلاق الطارئة. وانخفض الناتج المحلي الإجمالي للبلاد بنسبة 24.4% في الربع المنتهي في يونيو 2020. ومن المتوقع أن يعاني خلال 2020-21 من انكماش الناتج المحلي الإجمالي بنسبة 7.96%.

 

على مستوى التضخم ارتفع مؤشر أسعار المستهلكين CPI إلى 5.0% في فبراير 2021. وبات مسار التضخم يعتمد على تأثير موسمي الخريف والربيع المواتيين على أسعار الحبوب. بالإضافة إلى الأثر السلبي لارتفاع الأسعار الدولية واستمرار عدم التوافق بين العرض والطلب لأسعار المواد الغذائية الحيوية.

 

من جهة أخرى لا يزال القطاع الزراعي هو النقطة المضيئة للاقتصاد الهندي. حيث بلغ إنتاج الحبوب الغذائية 303.3 مليون طن في 2020-21 متجاوزاً مستويات الإنتاج القياسية للعام الخامس على التوالي. في حين أن هناك انخفاضاً في مؤشر PMI الصناعي لنحو 55.4 في مارس 2021.

 

انخفض إنتاج ثماني صناعات قطاعية أساسية في الهند خلال فبراير الماضي بأسرع وتيرة له في ستة أشهر. حيث تقلص بنسبة 4.6% في فبراير 2021. بينما انكمش الناتج الصناعي بنحو 1.6% على أساس سنوي في يناير2021.

 

النفط، طوق نجاة الاقتصاد الهندي:

طوق النجاة للاقتصاد الهندي جاء مع تراجع أسعار النفط العالمية بنحو 1% على أساس أسبوعي. لا سيما بفعل مخاوف شديدة من انخفاض الطلب على الوقود في البلاد. التي تعتبر ثالث أكبر مستورد ومستهلك للنفط في العالم. خاصةً بعد التسارع المخيف في وتيرة الإصابات بـ”كورونا”.

 

في الحقيقة تعتمد الهند على النفط في جزء كبير من مواردها المحلية. فضرائب البترول ومواد المحروقات الأخرى من أبرز موارد سلة الضرائب غير المباشرة للحكومة. وتشكل نسبة كبرى لا يُستهان بها في بند الإيرادات الضريبية.

 

من المتوقع أن يرتفع طلب الهند على النفط إلى 8.7 مليون برميل يومياً في 2040 من نحو خمسة ملايين برميل يوميا في 2019. بينما ستصل طاقتها للتكرير إلى 6.4 مليون برميل يومياً بحلول 2030. و7.7 مليون برميل يومياً بحلول 2040 من خمسة ملايين برميل يومياً.

 

احتياجات الطاقة المتزايدة للهند ستجعلها البلد الأكثر اعتماداً على واردات الوقود الأحفوري. وسط ثبات إنتاجها المحلي من النفط والغاز على مدار سنوات. رغم أن السياسات الحكومية تشجع أعمال التنقيب عن البترول وإنتاجه ودعم مشاريع الطاقة المتجددة.

 

هذا الانخفاض في أسعار النفط العالمية يعد بمثابة مكسب غير متوقع للهند يمكن أن يساهم بشكل كبير في تعويض الخسائر المباشرة للبلاد من تداعيات الانتشار السريع لـCOVID-19. وتمديد قرارات الإغلاق الاقتصادي والعزل المجتمعي.

 

يرجح محللون نفطيون صعوداً جديداً في الإصابات بفيروس “كورونا” في الهند واليابان. ما يشير إلى تعافٍ متفاوت للطلب على النفط في أجزاء مختلفة من العالم. وخاصةً أن أسعار النفط العالمية ربما تتعرض للمزيد من الضغوط إذا تدهور الوضعين الصحي والاقتصادي في هاتين السوقين الرئيستين.

 

في النهاية يلوح التشاؤم بشكل كبير في كل مكان. ويؤكد الكثيرون أن “كورونا” أسوأ أثراً من أحداث الكساد العظيم عام 1930. لكن إذا نجحت حكومة الهند في إدارة توزيع اللقاحات بوتيرة أسرع من الوتيرة الحالية (4 ملايين جرعة يومياً). فربما تتمكن من وقف الانتشار السريع للفيروس وتداعياته الخطيرة على اقتصادها.

شَارِك المَقَال