شَارِك المَقَال

بعد مرور عامين من الغزو الروسي لأوكرانيا. لا تزال التكلفة الاقتصادية للحرب تؤثر بشكل واضح على أوروبا عموماً. وعلى أوكرانيا خصوصاً. أكثر من روسيا بفوارق كبيرة. وقدرة الاقتصاد الروسي على الصمود تجعل من أفق الحل بعيداً. فمن المستبعد أن تقدم موسكو أي تنازلات في ظل قدرتها على الاستمرار في تمويل الحرب.

الخسائر الاقتصادية بين موسكو وكييف

المؤشرات الاقتصادية لأطراف الحرب تميل لصالح روسيا. فمعدل النمو الاقتصادي الأوروبي هبط بمعدل 0.5% في عام 2023م. وفي الربع الأخير من عام 2023م كان معدل النمو الاقتصادي الأوروبي صفر بالمئة. كما شهد الاتحاد الأوروبي أزمةً حادةً في أسعار الطاقة وتكلفة المعيشة منذ فبراير 2022م وحتى الآن.

أما فيما يتعلق بأوكرانيا فقد تكبدت فاتورة باهظة جداً. حيث سقط 20% من السكان. أي أكثر من 7 ملايين شخص تحت مستوى خط الفقر. وانكمش الاقتصاد بنسبة 29.1%. وتحتاج كييف 486 مليار دولار على مدى 10 سنوات لإعادة الإعمار. وأكثر من 40 مليار دولار لموازنتها الحالية والحفاظ على تجهيزات الجيش.

من جهة أخرى خرجت روسيا “منتصرة” اقتصادياً. فعلى الرغم من توقعات صندوق النقد الدولي بانكماش الاقتصاد بنسبة 8.5% في عام 2022 ونسبة 2.3% أخرى في عام 2023م. إلا أن الاقتصاد الروسي خالف التوقعات. وانكمش في 2022 بنسبة 2% فقط. ولم يتجاوز العجز بميزانية روسيا أكثر من 1% من الناتج المحلي الإجمالي.

كما بلغ معدل نمو الاقتصاد الروسي عام 2023م ما يقارب 3.5%. ونمت الصناعة بنسبة 6%. والاستثمار 10%. بينما انخفض الدين الخارجي من 46 مليار دولار إلى 32 مليار. كما حقق الميزان التجاري فائضاً بلغ 292 مليار دولار وفقاً لمنظمة التجارة العالمية. لتكون روسيا بذلك في المركز الثاني عالمياً بعد الصين وفقاً لفائض الميزان التجاري.

هذا الانتصار الاقتصادي لروسيا يقف خلفه عدد من الأسباب. أبرزها أن اقتصاد موسكو كان أكبر بعشرة أضعاف من اقتصاد أوكرانيا مع بداية الحرب. ولم تتعرّض لخسائر فادحة في البنية التحتية. كما أدت زيادة ميزانية الدفاع بنسبة 4% إلى تعزيز النمو الاقتصادي بشكل عام.

إضافةً لكون الاقتصاد الروسي معتاداً على العقوبات وقادراً على التكيف السريع معها. والأهم أن الاقتصاد الروسي يعد اقتصاداً ريعياً. يعتمد على عوائد النفط والغاز بشكل رئيس. إضافةً لعوائد الزراعة. وهذه المنتجات لا يمكن مقاطعتها عالمياً كونها منتجات رئيسة.

في النهاية إن قدرة الاقتصاد الروسي على الصمود تنعكس سلباً على فرص الحل السياسي. فموسكو في ظل هذا الواقع لن تقدم أيّ تنازلات. وستصر على الحفاظ على مكاسبها. وفي ذات الوقت لن يقبل الناتو بالاعتراف بمصالح روسيا الإستراتيجية. ما يعني استمرار الحرب في المدى المنظور.

شَارِك المَقَال