شَارِك المَقَال

قبل سنوات قليلة كانت “هواوي” الصينية الاسم الأكثر شعبيةً في سوق الهواتف الذكية ومعدات شبكات الجيل الخامس حول العالم. حيث كانت تملك 62,2% من حجم هذه السوق في 2019م. وتنتشر في 170 دولة. وتناطح الكبار من أمثال “سامسونج” الكورية و”أبل” الأمريكية. والسؤال هنا: هل ستكون “هواوي” “نوكيا الثانية” أم ستنجو بنفسها؟

 

ما آثار الحظر الأمريكي على “هواوي”؟

في الحقيقة إن الحظر الأمريكي الذي فُرض على “هواوي” كانت نتيجته حرمان هواتفها من استخدام نظام التشغيل “أندرويد” الخاص بـ”جوجل” الأمريكية. وهو ما يعني حظر استخدام تطبيقاته في هواتفها.

 

بسبب إعلان هذه العقوبات تخلّى ملايين المستهلكين حول العالم عن اقتناء “هواوي”. ونتيجة لذلك تراجع معدل النمو في مبيعاتها لـ9,9% في الأشهر التسعة الأولى من 2020م.

 

يذكّرنا إقحام “هواوي” في الحرب الاقتصادية بين واشنطن والصين بالحرب الاقتصادية الباردة التي نشبت بين “نوكيا” الفنلندية عملاق الهواتف المحمولة والرائدة فيها وبين رائدة الهواتف الذكية “أبل” الأمريكية. والتي انتهت بشبه انهيار كامل لـ”نوكيا” وخسارتها حصتها السوقية لحساب “أبل”.

 

لماذا تختلف “هواوي” عن “نوكيا”؟

في الحقيقة هناك فروق كبيرة بين شركتي “نوكيا” و”هواوي”. وفي رأيي لن تكون نهاية الشركتين واحدة أو حتى متشابهة لأسباب كثيرة.

 

كانت “نوكيا” تحتل الحصة الغالبة من سوق الهواتف المحمولة التقليدية. لكن في سوق الهواتف الذكية لم تخطُ خطوة واحدة أو تفكر في تطوير نظام تشغيلها Symbian بشكل يواكب نظامي “أبل” Ios، و”جوجل” الأندرويد. وحينما تخلت عن نظامها وراهنت على نظام “ويندوز” من “مايكروسوفت” كان رهاناً خاسراً.

 

أما “هواوي” فعقب الحظر أعلنت في أغسطس 2019م عن نظام تشغيل خاص بها أطلقت عليه “هارموني أو. إس” لمنافسة نظامي “أندرويد” و “آي أو إس”. وعلى الرغم من كونه ليس بديلاً قوياً للنظام الأمريكي إلا أن الشركة طورته بما يكفي ليتناسب مع الكثير من الهواتف الذكية وليس منتجاتها فقط.

 

من جهة أخرى ففي شهر يونيو الماضي أدرجت “هواوي” نظامها الجديد في بعض هواتفها الذكية القديمة التي كانت تعمل بنظام الأندرويد. ليس هذا فقط بل تخطط شركة HMD المالكة لعلامة “نوكيا” لإطلاق هاتفي Nokia X60 و X60 Pro، خصيصاً للمستخدمين الصينين بالنظام التشغيلي الجديد من “هواوي”.

 

اكتفت “نوكيا” بالاستمرار في إنتاج الإصدارات القديمة من هواتفها. في حين كان المنافسون يطوّرون باستمرار ويغمرون الأسواق بأعداد كبيرة من الهواتف الذكية المتقدمة التي تجاوزت قدرات أجهزة “نوكيا” بمراحل بعيدة.

 

أما “هواوي” فمازالت تتطور وتتجه لمستويات غير مسبوقة في عالم الهواتف والمنتجات الذكية الأخرى. فأطلقت إصدار 4G فقط من هاتفها Mate X2 القابل للطي. وهاتف nova 9 بتقنيات مبتكرة. وأيضاً ساعة HUAWEI WATCH FIT new. وهي أحدث ساعة ذكية للمبتدئين ضمن سلسلة ساعات HUAWEI WATCH FIT الذكية.

 

بالإضافة إلى ذلك ركزت “نوكيا” على نموّها بشكل مستمر وليس التطوير. فكانت النتيجة أنها كثّفت مواردها للحفاظ على سلامة سلسلة التزويد الخاصة بها. وذلك على حساب الاهتمام بتطوير منتجاتها وتنويع قائمة أعمالها.

 

أما “هواوي” فوجهت مواردها المالية واللوجستية لتوسيع قائمة عملائها من مختلف المؤسسات. وذلك في مجالات النقل والتصنيع والزراعة والصناعات الأخرى. فهي أكبر مورد للعواكس في العالم.

 

بالإضافة إلى ذلك فإن “هواوي” تعتمد الآن على زيادة هذه المبيعات إلى جانب خدماتها السحابية وحلول تحليل البيانات. كما تختبر مجال تصنيع أجهزة استشعار السيارات ذاتية القيادة ووحدات الطاقة للسيارات الكهربائية.

 

علاوة على ذلك عملت “هواوي” مؤخراً مع الكثير من الشركات المصنِّعة لاختبار تقنيات القيادة الذاتية والتفاعل بين السائق والسيارة. مثل: مرسيدس بنز وBAIC الصينية للسيارات الكهربائية.

 

ما أبرز أسباب انهيار “نوكيا”؟

في النهاية هناك عوامل كثيرة أدت لانهيار “نوكيا”. مثل إهمال الابتكار والافتقار للرؤية المستقبلية والاكتفاء بالنمو السريع وتجاهل التطور واحتياجات العملاء والركون إلى قوة علامتها التجارية. كل هذه الأسباب وغيرها ساهمت في كتابة نهاية “نوكيا” كرائد عالمي للهواتف المحمولة.

 

ما أدّى إلى تحول “نوكيا” إلى مجرد شركة ضمن شركات أخرى كثيرة قلما يتذكرها المستهلكون عند الشراء. بعكس “هواوي” التي تتطور بشكل كبير وملحوظ. ولم تقف عاجزةً أمام المحاولات الخارجية لتفكيكها. وأعتقد أنها ستعود أقوى بكثير مما مضى.

شَارِك المَقَال