شَارِك المَقَال

عودة الأسد للجامعة العربية تفتح المنطقة على احتمالات عدة. فهذا القرار خلط الأوراق الاستراتيجية. ولكن إيجاد حل للقضية السورية من خلال قرار العودة يعد مستبعداً. فهناك عوامل عدة مؤثرة. منها كيفية تعامل الأسد مع شروط العرب. وموقف الدول الغربية. وقدرة العرب الفعلية على التأثير.

ما المستقبل السياسي للأسد؟

مما لا شك به أن إعادة الأسد للجامعة ستمنحه دفعاً سياسياً جديداً. وقد تمنحه دعماً اقتصادياً. لكن هذا الأمر لن يتم بدون تعهدات يجب أن يلتزم بها. على رأسها قضية المخدرات وتهيئة الظروف لإعادة اللاجئين. فقرار العودة نص صراحةً على العمل بمبدأ الخطوة بخطوة.

بالطبع قضية الخطوة بخطوة تعد بحد ذاتها حمالة أوجه. فالجامعة العربية تعتقد أنها قامت بالخطوة الأولى وهي إعادة الأسد. والخطوة الموازية لا بد أن تكون من قبل الأسد. ومن المتوقع أن تكون قضية المخدرات. لكن الأسد يقول بأنه لا يرعى المخدرات وأنها نشطت نتيجة ضعف النظام الناتج عن العقوبات.

من جهة أخرى يسعى الأسد للحصول على أكبر قدر من الدعم العربي قبل القيام بأي تنازلات. فهو يحتاج لدعم عربي عسكري واقتصادي ولوجستي لمكافحة المخدرات. وهذا ما يفسر قيام الطيران الأردني بقصف شحنة مخدرات داخل الحدود السورية. فهو يسعى للتنصل من مسؤوليته والقول بأن تنفيذ هذه الخطوة ستكون من قبله بدعم عربي.

أما بخصوص عودة اللاجئين فعلى الأغلب سيتعلّل الأسد بأن الواقع الاقتصادي السوري لا يحتمل ضغطاً جديداً ناتجاً عن عودة اللاجئين. وهذه الخطوة من المتوقع أن يستثمرها لتحصيل دعم اقتصادي عربي لتحسين الواقع الاقتصادي بحيث يسمح باستقبال اللاجئين.

في المقابل قد يقوم الأسد ببعض المناورات. كإصدار عفو عام واسع وإطلاق سراح بعض المعتقلين. وكأن يطلق تصريحات داعمة للحل السياسي. ولكن في الوقت ذاته تعد قدرة الدول العربية بمفردها على حل القضية السورية منخفضة. فالقوى الإقليمية والدولية لها كلمتها في هذا الشأن.

ما الموقف الغربي من إعادة تأهيل الأسد؟

في الحقيقة انتقدت الدول الغربية علناً قرار إعادة الأسد. فألمانيا والولايات المتحدة انتقدت القرار. وواشنطن مدت قرار الطوارئ الخاص بسوريا لمدة عام جديد. كما أنها تعد لقانون لمكافحة التطبيع مع الأسد. والأشهر القليلة ستثبت حقيقة الموقف الأمريكي. فإدارة بايدن ربما لا تنظر للقضية السورية بشكل عام على أنها قضية رئيسة بالنسبة لها.

بالإضافة إلى ذلك فإن أي انفتاح اقتصادي عربي على النظام سيصطدم بقانون قيصر وبالعقوبات الغربية. وبصعوبة التعامل المالي مع دمشق في ظل العقوبات المصرفية. فالموقف الأمريكي حاسم في هذا الأمر. وهنا قد تسعى بعض الدول العربية للتفاوض مع واشنطن للوصول لصيغة توافقية.

هل هناك مقايضة دولية بين عودة الأسد ودعوة زيلنسكي؟

في الواقع دعوة زيلنسكي تعد حدثاً استثنائياً في القمة. خاصةً أنه من غير الواضح مبررات دعوته. خاصةً أن الدول العربية سعت لموقف حيادي بين طرفي الصراع الروسي الأوكراني. والتفسير المحتمل لهذه الدعوة أن تكون لإرضاء واشنطن عن عودة الأسد. فدعوة زيلنسكي مقايضة سياسية مقابل عودة الأسد.

في النهاية إن مستقبل الأسد السياسي والاقتصادي لا يمكن أن تحسمه عودته للجامعة العربية. فالقضية أكبر من ذلك. فدول عديدة لها كلمتها. ولكن هذا لا ينقص من أهمية وتداعيات قرار الجامعة بإعادته. ومآلات القضية ستظهر بوضوح خلال الأشهر القليلة القادمة.

شَارِك المَقَال