سنوات عديدة كانت كافية ليصبح “قانون قيصر” اسمًا مرتبطًا بالمعاناة بكل تفاصيل الحياة. الهدف المُعلَن كان حماية المدنيين من بَطْش النظام البائد، لكنْ تحوَّلت هذه العقوبات من الضغط على النظام إلى خَنْق الشعب.
قانون قيصر لم يكن مجرد عقوبات اقتصادية، بل كان منظومة متكاملة من القيود التي شلَّت حركة الاقتصاد؛ فأيّ شخص أو شركة تعاملت مع سوريا، حتى لو كان تعاملًا إنسانيًّا، دخلت ضمن العقوبات. المستشفيات لم تستطع استيراد أدوية، المصانع توقَّفت، الشركات انسحبت، والبنوك أغلقت باب التحويلات.
اليوم وبعد جهود دبلوماسية كبيرة، ودعم من الدول الصديقة؛ صوَّت مجلس الشيوخ الأمريكي على إلغاء القانون. القرار مرَّ دون أيّ قيود أو شروط، وأصبح ضمن موازنة وزارة الدفاع. وهو بانتظار توقيع الرئيس ترامب قبل نهاية العام، لكنّ السؤال: هل فعلًا انتهى الكابوس؟
الاقتصاد السوري مُنْهَك من العقوبات. الليرة خسرت تقريبًا 99% من قيمتها، غالبية الشعب تحت خط الفقر، والبطالة في أعلى مستوياتها. ومع كلّ هذا الضيق، يُعتَبر إلغاء القانون خطوة أولى، وليس النهاية.
والسؤال الأهم: هل إلغاء القانون سيُغيِّر الواقع بسرعة؟ الأكيد: لا. فالقانون كان عائقًا كبيرًا، لكنّه ليس العائق الوحيد.
حاكم المصرف المركزي يقول: إن التأثير الأول سيظهر بفتح قنوات التحويل المالي، وتسهيل التبادل التجاري. وكثير من الشركات الأجنبية يمكن تُفكّر بالدخول إلى السوق السورية. والدول التي كانت مترددة بالتعاون، أصبح عندها مجال أوسع للحركة. حتى التفكير بإعادة الإعمار أصبح ممكنًا.
بعد إلغاء قانون قيصر، الكرة ستصبح في ملعب الحكومة السورية، لا بد من تجهيز بيئة استثمار مناسبة، قوانين وتشريعات، حوافز ضريبية، التواصل مع المستثمرين وتشجيع المشاريع الصغيرة والمتوسطة، وغيرها من أشكال الدعم.
في النهاية، إلغاء قانون قيصر ليس عصا سحرية ستحلّ كل المشاكل. هو خطوة تفتح الباب أمام الحلول الممكنة، وتعطي سوريا فرصة تتنفّس بعد سنين من الاختناق الاقتصادي.