شَارِك المَقَال

يعتبر العرض والطلب من المفاهيم الشائعة في عالم الاقتصاد وحتى على مستوى الأفراد. فهي ترتبط بالحياة اليومية للأفراد. إلا أن هذه المفاهيم تنطوي على محددات عدة تؤثر في منحاها. والسؤال هنا: ماذا يعني الطلب في عالم الاقتصاد؟

 

ما أبرز العوامل التي تحدد قيمة الطلب؟

يقصد بـالطلب الرغبة بالاستهلاك المدعومة بقوة شرائية. فوفق هذا التعريف لا يختلف الغني غير الراغب بالشراء عن الفقير الراغب. ويعتقد البعض أن الطلب يتعلق بالدخل وأسعار السلع إلا أن هناك عوامل عديدة تحدد قيمة الطلب.

 

في الحقيقة يعتبر سعر السلعة ودخل المستهلك من أبرز عوامل الطلب. فزيادة الدخل ستنعكس على زيادة الطلب والعكس صحيح. وانخفاض السعر سينعكس زيادةً على الطلب والعكس صحيح أيضاً. إلا أن هذين العاملين ليسا مطلقين. فزيادة الدخل تفقد تأثيرها بعد وصول المستهلكين لحالة الإشباع.

 

في الواقع يؤثر التكامل بين السلع على الطلب. فبعض السلع ترتبط بسلع أخرى فاستهلاك سلعة ما مرتبط باستهلاك السلعة المكمّلة لها. بحيث يزداد الطلب على السلعة الثانية بارتفاع الطلب على السلعة الأولى. فانخفاض سعر السيارات يزيد الطلب على شرائها. وفي الوقت نفسه يزداد الطلب على الوقود بالرغم من عدم تغير سعره.

 

من جهة أخرى توصف بعض السلع بالسلع البديلة. وعلاقة التبادل هذه تؤثر على الطلب أيضاً. فارتفاع سعر سلعة ما يخفّض الطلب عليها. وفي الوقت نفسه يرفع الطلب على السلعة البديلة. فارتفاع سعر الجبن الفاخر يؤدي إلى زيادة الطلب على الجبن المنخفض الجودة. وذلك كون الجبن المنخفض الجودة يشكل بديلاً عن الفاخر.

 

كما تؤثر توقعات المستهلكين في الطلب. فإما أن تعمل على زيادته أو إنقاصه. حيث إن توقع المستهلكين حصول ارتفاع في أسعار المنتجات الغذائية سيدفعهم لشراء كميات إضافية وتخزينها وبالتالي يزداد الطلب. كما أن التوقعات بشتاء قاسٍ تزيد الطلب على وسائل التدفئة.

 

من ناحية أخرى تعتبر السلع الدنيا من الحالات الخاصة المؤثرة في الطلب. ولا يقصد بكلمة الدنيا أنها سلع رديئة. فهي كلمة اصطلاحية تشير لتدني منفعتها بالنسبة لشريحة من المستهلكين. كما يشكل ارتفاع الدخل زيادة في الطلب على السلع العادية. إلا أنه يسبب تدنياً في الطلب على السلع الدنيا.

 

بالإضافة إلى ذلك قد تكون بعض السلع دنيا بالنسبة لشريحة ما وعادية بالنسبة لأخرى. ويسبب ارتفاع الدخل تحول سلعة ما لسلعة دنيا. فارتفاع الدخل قد يدفع شريحة من المستهلكين للتوقف عن استخدام وسائط النقل الجماعية والتحول لخدمة التاكسي. وبالتالي ينخفض الطلب على وسائط النقل الجماعية.

 

في النهاية لا يمكن حصر العناصر المؤثرة في الطلب بالعناصر السابقة فقط. فالتركيب العمري للسكان والإشاعات وحب الظهور والبيئة الثقافية وغيرها من العوامل الأخرى تؤثر على الطلب زيادةً أو نقصاناً.

 

بصفة عامة تشكل العوامل المؤثرة في الطلب مدخلاً مهماً لدراسة السوق ومعرفة توجهاته بالنسبة للأفراد وللمنظمات وللحكومات. فالخطأ في تقدير قيمة الطلب قد يترك آثاراً سلبية على اقتصاد الدولة. وفي الوقت نفسه النجاح في التوقع من شأنه تحفيز الاقتصاد وتنشيط النمو الاقتصادي.

شَارِك المَقَال