شَارِك المَقَال

أصدرت الحكومة التركية مؤخراً قراراً برفع سعر العقار المخصص للحصول على الجنسية من 250 ألف دولار إلى 400 ألف. وهو ما قد يترك آثاراً مختلفة إيجابية وسلبية على سوق العقارات وعلى الاقتصاد التركي عموماً. فما هي الأسباب والدوافع الحقيقية وراء هذا القرار؟ وما النتائج المترتبة عليه؟ والسؤال أيضًا: ما آثار وعواقب رفع أسعار العقارات المتعلقة بمنح الجنسية في تركيا؟

ما واقع سوق العقارات التركي قبل وبعد القرار؟

يشهد سوق العقارات التركية تضخماً حاداً بطبيعة الحال. كما يشهد إقبالاً واسعاً من الأجانب على شراء العقارات سواء للاستثمار أو للحصول على الجنسية التركية. فوفقاً لهيئة الإحصاء التركية فقد ارتفع الطلب على العقارات التركية مِن قِبَل الأجانب في يناير الفائت بنسبة 56.5%. مقارنةً مع ذات الفترة من عام 2021م.

في عام 2021م تم تسجيل شراء 68 ألف عقار مِن قِبَل الأجانب. وهذا الرقم يعد مرتفعاً للغاية لدولة كتركيا. ويعد الإيرانيون الأكثر شراءً. يليهم العراقيون فالروس فالأفغان. ومن المتوقع أن يتصدر الروس القائمة بعد الحرب الروسية الأوكرانية.

من السابق لأوانه الحديث عن نسبة التغيّر في أعداد العقارات المباعة للأجانب بعد القرار الجديد. لكنها بالتأكيد ستسجل ارتفاعاً واضحاً. وهو ما سيعني ضغوطاً جديدة على الاقتصاد التركي الذي يعاني أساساً من جملة ضغوطات.

ما أسباب هذا القرار؟

يمكن عزو القرار لعدة أسباب سياسية واقتصادية وحتى اجتماعية. فمن الأسباب السياسية أن الحكومة التركية الحالية ترغب في تقليل عدد الأجانب الحاصلين على الجنسية التركية. كون هذه القضية يتم استثمارها مِن قِبَل المعارضة. وتظهر أهمية هذه النقطة من خلال اقتراب موعد الانتخابات الرئاسية.

من الأسباب الاقتصادية للقرار رغبة الحكومة التركية باستثمار الأعداد المرتفعة من المستثمرين الروس الراغبين بالحصول على جنسية أخرى. للتخلص من تبعات العقوبات الغربية. ولذلك فرفع قيمة العقارات سيعني حصول تركيا على مبالغ إضافية بالدولار. وبالتالي دعم قيمة الليرة التركية ودعم الاقتصاد بشكل عام.

ما النتائج المترتبة على القرار؟

من غير المتوقع أن يؤدي القرار إلى تراجع أعداد الأجانب الطالبين للجنسية التركية. كون غالبيتهم من رجال الأعمال. وهذا الارتفاع سيبقى مقبولاً بالنسبة إليهم. خاصةً أن المنافع المتوقّعة من الحصول على الجنسية التركية تفوق الخسائر المرتبطة بارتفاع سعر العقارات.

من الآثار المتوقعة للقرار ارتفاع حدة التضخم في تركيا والذي بلغ أرقاماً قياسية. فقد تجاوز 60% على أساس سنوي. وهذا القرار سيعني مزيداً من السيولة النقدية في السوق. وبالتالي تحفيز جديد للتضخم. خاصة أنه من غير المتوقع أن تترافق هذه السيولة المرتفعة بزيادة في نسبة التشغيل في الاقتصاد.

من المتوقّع أن يسبّب القرار تضخماً متزايداً في أسعار العقارات في تركيا. والتي تشهد بطبيعة الحال ارتفاعاً حاداً. إضافة لكون القرار سيؤدي لتضخم في أسعار الأثاث وإيجارات المنازل وأسعار الأراضي. كونها جميعها مرتبطة بشكل غير مباشر بسوق العقارات. وهذا سيترك آثاراً واضحةً على الطبقة المتوسطة والفقيرة التي تتأثر بشكل حادّ بارتفاع أسعار العقارات.

 

شَارِك المَقَال