شَارِك المَقَال

انتصار “دونالد ترامب” الرئيس الأمريكي السابق. والمرشح الحالي للرئاسة في المؤتمر الحزبي للجمهوريين بولاية أيوا بفارق كبير عن أقرب منافسيه. يؤكد أن الرئيس المثير للجدل عائد بقوة إلى سباق الانتخابات الرئاسية المزمع عقده نهاية العام الجاري. وهو ما يثير التساؤلات حول أهمية هذا الانتصار وتداعياته على مستوى الولايات المتحدة وخارجها.

رغم أن السباق ما يزال في بداياته. ولن يتضح المرشح الجمهوري المنافس في الانتخابات المقبلة إلا بعد خمسة أشهر على الأقل من الآن. إلا أنه مؤشر على رغبة الأمريكيين -وبالتحديد الجمهوريين منهم- في العودة لسياسات “ترامب” المثيرة للجدل مع الغرب والأقل عدائية مع روسيا والصين.

كما أن هذا الفوز يتجاهل الأزمات القضائية التي تلاحق “ترامب” مؤخراً. بسبب اتهامات لجرائم يزعم أنه ارتكبها خلال فترة رئاسته. فعلى سبيل المثال: سيمثل “ترامب” أمام المحكمة في نيويورك في تهمة تتعلق بالاعتداء الجنسي والتشهير. وهي مجرد واحدة من التحديات القانونية المتعددة التي تواجه الرئيس السابق.

تتضمن التهم الموجهة لـ”ترامب” أيضاً الهجوم على مبنى الكابيتول في 6 يناير 2021م من قبل حشد من أنصاره. والتهم الجنائية الـ91 الموجهة إليه بمحاولة إلغاء انتخابات 2020م. والاحتفاظ بوثائق سرية بعد مغادرته البيت الأبيض. والسجلات بشأن دفع أموال لنجمة إباحية.

هذا التناقض المثير بين اتهامات جنائية وحملات انتخابية ناجحة. يعود لاستغلال “ترامب” تلك المحاكمات في سياق حملته الانتخابية. حيث يصور نفسه على أنه ضحية لنظام قانوني مسيس. وحتى الآن يبدو أن تلك الطريقة ناجحة مع الناخبين الجمهوريين على الأقل.

يراهن “ترامب” على مسألة الهجرة التي تؤرق مضاجع الأمريكيين. والأزمة الاقتصادية العنيفة التي تتعرض لها الولايات المتحدة حالياً. كما يسعى إلى خلق جو من الحتمية حول حملته الناجحة بكل تأكيد -وفق رأيه-. واستغلال حالة التفرق بين منافسيه لكسب أكبر عدد من الأصوات.

كما يظهر فوزه أيضاً نجاح إستراتيجيته في إنكار نتيجة انتخابات 2020م. والتي أقنعت الملايين من الجمهوريين بأنه طرد بشكل غير قانوني من السلطة. بل إن تلك الرؤية حاول “ترامب” تعزيزها في خطاب الفوز بالمؤتمر الانتخابي.

ماذا لو فاز ترامب في الانتخابات الرئاسية المقبلة؟

باستثناء بعض الأحداث غير المتوقعة. فإن هيمنته في ولاية أيوا أظهرت الصعوبة البالغة التي سيواجهها أي من منافسيه المتبقين في إبعاده عن تذكرة الحزب الجمهوري. بل أظهرت استطلاعات الرأي الأخيرة أنه يتمتع بقدرة تنافسية عالية. بل ويتفوق على “بايدن” في عدد قليل من الولايات المتأرجحة التي ستقرر مصير البيت الأبيض.

المثير أن تداعيات فوز “ترامب” بولاية ثانية في الانتخابات الرئاسية المقبلة -إن حدث- ستكون مجنونة. فهو دائم التصريح بأنه “عاد لينتقم” من أعدائه. ودائماً ما يصف المعارضين السياسيين بأنهم “حشرات”. والمهاجرين “يسممون دماء أمريكا”. وهو ما يذكرنا بحكام ديكتاتوريين في فترة الثلاثينيات.

أضف إلى ذلك أن مجرد تخيل وجود مرشح كبير للحزب الجمهوري مدان بجرائم يعاقب عليها القانون الأمريكي سيناريو لم يسمع به أحد من قبل. وذلك اعتماداً على استمرار محاكماته الجنائية الأربعة التي تلوح في الأفق هذا العام بالتزامن مع حملاته الانتخابية. فما بالك لو نجح في السباق الأخير؟!

ولكن ما تأثير فوزه خارج الولايات المتحدة؟

قد تمثل عودة “ترامب” إلى منصبه خطراً وجودياً على حلف شمال الأطلسي. كما أن فوز “ترامب” سيعطي الرئيس الروسي “فلاديمير بوتين” سبباً آخر لإطالة أمد الحرب في أوكرانيا. مستغلاً الدعم “الغريب” من “ترامب” لروسيا. والذي ظهر إبان فترة رئاسته الأولى.

شَارِك المَقَال