شَارِك المَقَال

بعدما كانت سوريا مكتفية من القمح تماماً لعقود طويلة باتت تفتقر له. لذلك تسعى حكومة النظام لضمان استلام كامل المحصول من الفلاحين السوريين. ولكن هل ما تقوم به حكومة النظام يندرج ضمن منطق الدولة أو في خانة سلوك الميليشيات؟ وما دلالات إجبار الفلاحين على تسليم محصول القمح للنظام؟

 

ما الغائب في قضية استلام القمح السوري؟

في حالات الحروب يمكن لأي حكومة في العالم أن تطلب من رعاياها تسليمها المحاصيل الاستراتيجية. وهذا الأمر يندرج ضمن حقوقها الدستورية. ويُعتبر ركناً من أركان العقد الاجتماعي في المجتمع. فطلب حكومة النظام من الفلاحين تسليم محصولهم من القمح لها لا يعتبر أمراً منافياً للحقوق الدستورية.

 

لكن في الوقت نفسه على الحكومة أيضاً مَنْح رعاياها تعويضاً عادلاً عن الأصول والمحاصيل التي تطالبهم بتسليمها. وهو ما يعتبر الغائب في قضية استلام القمح السوري. فالخلل الحاصل ليس في جوهر الأمر بل في طريقة وأسلوب التنفيذ.

 

إن قيام أي حكومة بالاستيلاء على أصول رعاياها دون منحهم تعويضاً عادلاً عنها يعتبر أقرب لعمل الميليشيات منه لمنطق الدولة. وهذا ما يلاحظ وبشكل جلي في طريقة استلام القمح السوري وفي آليات التعويض المعتمدة.

 

لقد منحت حكومة النظام الفلاحين مقابل استلامها قمحهم سعراً يقل عن سعر السوق. وهو ما دفع غالبية المزارعين لتهريب محصولهم وبيعه في السوق السوداء. فأعلى سعر تم منحه من قبل حكومة النظام هو 900 ليرة سورية. مع أن سعر السوق يفوق هذا السعر بأكثر من 50%.

 

إن تهريب القمح وبيعه في السوق السوداء مبرَّر من وجهة نظر الفلاحين. فلا يمكن بخسهم جهدهم ومنحهم سعراً يقل عن سعر السوق. وهذا الأمر سيعني مزيداً من الشح في الخبز في الفترات القادمة. وبالتأكيد فممارسات النظام وسياسته في استلام هذا المحصول الاستراتيجي تعتبر سبباً رئيساً في هذا الشح.

 

في النهاية يمكن القول بأن منطق الدولة يقوم بالنظر للأفراد على أنهم رعايا. وأن الحفاظ على مصالحهم يعتبر واجباً. وفي حال عدم حدوث هذا الأمر فهذا يعني تحول الحكم من منطق الدولة إلى منطق وأسلوب الميليشيات.

شَارِك المَقَال