شَارِك المَقَال

من الخاص
انخفَض معدل تضخم أسعار الغذاء في العديد من دول العالم إلى أدنى مستوى له منذ الغزو الروسي لأوكرانيا، فهل يعني هذا انتعاشة اقتصادية؟ والتخلص من شبح التضخم أخيرًا؟

الرأي:
صحيح، أن التقارير الاقتصادية الأخيرة الصادرة عن بيانات منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية، كشفت عن انخفاض أسعار السلع الغذائية إلى 5.3% على أساس سنوي، انخفاضًا من 6.2% الشهر الماضي، ولكنّ هذا الانخفاض لا يُؤشّر إلى تحسُّن اقتصادي عالمي، أو تحسُّن في معدلات النمو الاقتصادي؛ وذلك لعدة أسباب، نذكر أبرزها فيما يلي:
أولاً: الانخفاض الحاصل حاليًّا، يتعلق فقط بالدول المتقدمة التي لا تعاني من تضخم مستورد من فروق سعر الصرف، ويقتصر على 38 دولة فقط من الدول ذات الاقتصادات الكبرى، أما تركيا، مثلاً، فقد سجّلت تضخماً سنوياً في أسعار الغذاء بنسبة 70.4% في مارس الماضي، وذلك بسبب ضعف الليرة مقابل الدولار.

وعلى نحو مماثل، نجد أن التضخم السنوي لأسعار المستهلكين في مصر قفز إلى 35.7% في فبراير الماضي من 29.8% في يناير، بسبب ارتفاع أسعار المواد الغذائية والمشروبات، وهو ما يعود بدَوْره إلى خفض قيمة الجنيه أمام الدولار.

ثانيًا: ارتفاع أسعار السلع الغذائية في أعقاب حرب أوكرانيا، جاء بسبب ارتفاع تكاليف حوامل الطاقة، واضطرابات سلاسل التوريد، وحالات الجفاف في العديد من دول العالم، إضافةً إلى منع تصدير الحبوب الأوكرانية بسبب الحرب، وهي جميعها أسباب لم يتمّ علاجها بشكل جذريّ.

فلا تزال أسعار حوامل الطاقة تحت تهديد نيران الحروب والأزمات المشتعلة بالشرق الأوسط، وهو ما أدَّى إلى رفع أسعار النفط لأكثر من 80 دولاراً للبرميل، ولا تزال حالات الجفاف موجودة بأغلب دول العالم، إضافةً لأزمات أخرى في قطاع الزراعة في بعض الدول الأوروبية.

رابعاً: انخفاض أسعار المواد الغذائية لا ينسحب على بعض المنتجات الغذائية الرئيسة؛ مثل الخبز الذي يدخل في تكلفة إنتاجه العمالة والتسويق والتعبئة والطاقة والتوزيع وهوامش الربح والترويج.

عموماً التقارير الاقتصادية الدولية تُعدّ مؤشراً مُهماً للاقتصاد، لكنْ لكل منطقة ولكل دولة خصوصيتها، فبعض التقارير قد تكون إيجابية، لكن ليس بالضرورة أن تكون بذات الإيجابية لكل دُوَل العالَم.

شَارِك المَقَال