شَارِك المَقَال

إطالة أمد الحرب في غزة لا تصب إلا في صالح رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو. فهزيمة حماس بالشكل الذي يسعى له نتنياهو غير واردة. بحسب محللين أمنيين إسرائيليين. وتتكبد بلاده خسائر يومية مالياً وبشرياً وعسكرياً. بخلاف تضرر سمعتها عالمياً بعد مجازرها في غزة.

إطالة أمد الحرب يعني مزيداً من تلك الخسائر. دون نهاية واضحة. ولا حتى علامات على تحقيق أي من أهداف حملته العسكرية “المعلنة” بالقضاء على حماس. وتطهير غزة من حركة المقاومة. وحتى عملية تحرير الرهائن. تمت منقوصة ومقابل تحرير رهائن فلسطينيين. بعد أن كان يطالب بها دون شروط.

إذاً ما مصلحة نتنياهو من إطالة أمد الحرب؟ الإجابة ببساطة أنه بغض النظر عن الكيفية التي تنتهي بها الحرب. فهناك نتيجة واحدة لا يمكن إنكارها. وهي نهاية نتنياهو سياسياً. وهو ما يسعى لتأجيله لأطول فترة ممكنة. وكسب مزيد من الوقت لحماية منصبه السياسي وتجنب السجن.

في الحقيقة وبخلاف الحرب فإن مستقبل نتنياهو السياسي في خطر. فهو بين مطرقة حزبه “الليكود” الذي يرى أن بقاءه في السلطة متوقف على إزاحة نتنياهو من رئاسته. وسندان حلفائه من اليمين المتطرف الذين يستغلون وجودهم في حكومته لتنفيذ أجنداتهم المتطرفة. وإجباره على إضفاء الشرعية على المستوطنات اليهودية. وإخفاء الجرائم ضد الفلسطينيين. وهو عامل ساهم في طوفان الأقصى.

وهذا الطوفان بدوره يشدد الخناق على رقبته. فقد نجح حتى الآن في تأجيل مشروع التطبيع الإسرائيلي السعودي الذي طرحه البيت الأبيض. وإضعاف المشروعات المماثلة القائمة بين إسرائيل والدول العربية. وكذلك زيادة التهديدات من الضفة الغربية. وهي خسائر بلا شك يسوف يحاسب عليها.

أضف إلى ذلك أن نتنياهو يواجه تُهم فساد قد تؤدي به إلى السجن. ويعتقد أن طول أمد الحرب سيمنحه الوقت للتوصل إلى تسوية خروج -على الأرجح تحت رعاية الولايات المتحدة- لتجنب مصير مماثل للعدوان الذي شنه رئيس الوزراء السابق إيهود أولمرت على لبنان في عام 2006م.

يعتمد نتنياهو على دعم واشنطن وسط انشغال الرئيس الأمريكي جو بايدن بالانتخابات الرئاسية لعام 2024م. وتشابك التعاطف الأوروبي مع احتياجات إسرائيل من الغاز. والقلق العربي. دون اتخاذه أي إجراءات مهمة على الأرض في تنفيذ مقامرته عالية المخاطر.

تتمثل تلك المقامرة في استمرار الحرب لأطول فترة ممكنة. حتى يتحقق أي انتصار ولو رمزياً لينقذه من مصيره المحتوم. وقد يكون هذا الانتصار إعادة احتلال لساحل غزة. بثروته من الغاز وموقعه الاستراتيجي. أو إحياء المشروع الإسرائيلي القديم (قناة بن جوريون) من شمال غزة إلى إيلات. أو حتى اكتشاف نفق لحماس!

شَارِك المَقَال