شَارِك المَقَال

ما هو الفَرْق بينَ #التحلِيل_الاقتِصاديّ و #التحلِيل_السِّياسيّ للأحَداث

 

عادةً ما يَتمّ الخَلْط بين #التحلِيل الاقتِصاديّ والسِّياسيّ، فعلى الرَّغْم من أنهما يتقاطَعان في جُمْلة من الخصائص والصفات، فإِنَّهما يختلِفان أيضًا في أخرى، لا سيَّما في ماهِيَّتهما وفي #الأَدَوات المُستخدَمة في كلٍّ منهما، وهذا ما سنتطَرَّق له في سِياق هذه التَّغْريدات.

 

يُعتبَر #التَّحْليل_السِّياسيّ بحثًا في رَأْي مُتعلِّق في حَدَث سِياسيّ، وغالِبًا ما تُؤثِّر الصِّفاتُ الشَّخْصيّة و #الآرَاء الذَّاتِيّة على نَتِيجة التحلِيل لذلك فالتَّحْليل السِّياسيّ يَحتَمِل الصِّحة أو الخَطَأ، بينما #التحلِيل_الاقتِصاديّ يُناقِش قَرارًا، وهذه المناقَشة تَتمّ في ضَوْء أَرْقام ومُعطَيَات عَدَديّة وإحْصائيّة، فهو يَمِيل نَحْو الدِّقَّة بنِسْبة كَبِيرة.

 

يَقُوم #الاقتِصاد_السِّياسيِّ على المُوَاءَمة والجَمْع بين التحلِيل الاقتِصاديّ والسِّياسيّ للحَدَث مَحلّ البَحْث واستِخدام نتائِج هذه التحْلِيلات في فَهْمٍ أَدَقّ وأَعْمَق لأسباب الحَدَث ونتائِجه وتَدَاعِياته، ولفَهْمٍ تامّ لمَاهِيّة كِلَا التحلِيلَيْن لا بُدّ من الوُقوف على خصائِصهما ومَعْرفة الأَدَوات التحلِيلِيَّة الَّتي يَستخدِمانها.

 

يَرْتَكِز #التحلِيل_الاقتِصاديّ على عِدّة مَنْهجِيّات رَئِيسة كالمَنْهج #الاسْتِقرائيّ و #الإِحْصائيّ و #الاسْتِنباطِيّ والطَّريقة التارِيخيّة وغيرها، وعلى الرَّغْم من تعدُّد #مناهِج_البَحْث إلَّا أَنَّها جميعًا تَهْدف لتَحْقيق هَدَف وَحِيد هو فَهْم #الظَّاهِرة_الاقتِصاديَّة ومَعْرفة الاتِّجَاه العامّ للاقتِصاد وإِيجَاد حُلُول للمَشَاكل الاقتِصاديّة الحالِيّة والمُستقبَليّة.

 

تُوصَف مناهِج البَحْث الاقتِصاديّ بشَكْل عامّ بالسَّبَبيّة، بمعنى أَنَّ لِكلّ حَدَث اقتِصادِيّ أسبابًا وراءَه ونَتائِج مُترتِّبة عليه، ويُمْكِن من خِلال #مَنْهجيّة_البَحْث فَهْم هذه الأسباب فَهْمًا تامًّا وتوقُّع النَّتائِج توقُّعًا تامًّا أيضًا، على نَقِيض #التحلِيل_السِّياسيّ الَّذي يفتَقِد أحيانًا لهذه المِيزة.

 

لفَهْم #السُّلوك_الاقِتصاديّ العامّ ل #الصِّين -مثلًا- نَقُوم بجَمْع #البَيانات_الاقتِصاديَّة حَوْلها، فهي تَتمتَّع بنُمُوّ اقتِصاديّ يَبْلغ 6%، وتُساهِم في #النَّاتِج العالَميّ الإجْمَاليّ بـ 27.5%، هذه البَيانَات الاقِتصاديّة تَدلّ على أنَّ الصِّين تَسْعى لتَوطِيد عَلاقاتها مع الدُّوَل المُصدِّرة لحَوامل #الطاقَة إضافةً لتَوْطِيد عَلاقاتها مع الدُّوَل الَّتي تُشكِّل أسواقًا مُحتمَلة لمُنْتَجاتها.

 

كما يَقُوم #التحلِيل_الاقتِصاديّ على مُستَوَيات عِدَّة هي التحلِيل الاقتِصاديّ الجُزْئيّ والكُلِّيّ والعالَميّ، فالجُزْئيّ يَهتَمّ بتحلِيل الاقتِصاد الخاصّ سواءٌ أكان فرديًّا أَمْ مُؤَسَّساتيًّا، أمّا الكُلِّيّ فيَهتَمّ بتحلِيل اقتِصاد الدُّول والحُكومات كلّ دَوْلة على حِدَة، أمّا الاقتِصاد العالَميّ فيَهتَمّ بتحلِيل الاتِّجاه العامّ للاقتِصاد العالَميّ والنمُوّ العامّ وحالَة الكَسَاد والتضخُّم وغيرِها من المُؤشِّرات.

 

بينما #التحلِيل_السِّياسيّ يَقُوم على قِراءة #الأحداث المُعلَنة وتَخْمين الخَفِيّة منها بناءً على ما يَرشَح من مَعلُومات، وهو يَتعلَّق بدَرَجة كبيرة بدِقَّة المُعلُومة المُتوافِرة وبفَهْم النَّوَايا الحَقِيقيّة المُعلَنّة والخَفِيّة لأَطْراف الحَدَث السِّياسيّ، ولهذا يُمْكن مُلاحَظة وُجُود عَشَرات التَّحْليلات السِّياسيّة لحَدَث سِياسيّ واحِد، وفي النِّهاية قد يَصحّ تحلِيل واحِد وقد لا يَصِحّ أيًّا منها.

 

#التحلِيل_الاقتِصاديّ يَختلِف عن نَظِيره السِّياسيّ في كَوْن الأوَّل يعتَمِد على مَنْهجيّات عِلْميّة واضِحة وصَرِيحة ذاتِ دَلالة رَقْميّة، بينما الثَّاني يعتَمِد على الفَهْم الشَّخْصي للحَدَث السِّياسيّ النَّابِع من قَنَاعات المُحلِّل الذاتِيّة، وهذا ما يُفسِّر وُجود قِراءات عَدِيدة للحَدَث السِّياسيّ الواحِد.

 

يَستفِيد #التحلِيل_الاقتِصاديّ من البَيانات التاريخِيّة ك #مُعدَّل_النمُوّ في السَّنوات السابِقة ونِسْبة #البطَالة وغيرِها، بينما قد تَكُون البَيانات التاريخِيّة مُضلِّلة أحيانًا للتحلِيل السِّياسيّ، ففَوْز #ترامب في انتِخابات عامِ 2016م خَالَف التوقُّعات، إذ اعتَمَد غالِبيّة المُحلِّلين السِّياسِيِّين آنَذَاك على البَيانات التارِيخِيَّة ل #الانتِخابات_الأَمْريكِيّة كنِسْبة الدَّعْم الحِزبيّ الداخِليّ والخَلْفيّة العَمَليّة.

 

كما يعتمِد #التحلِيل_الاقتِصاديّ على مَعايير كَمِّيّة ذات دَلالة عَدَديّة ك #نِسْبة_السُّيُولة و #البطَالة و#مُعدَّل_النمُوّ و #المَدْيونيّة وجمِيعها يُعبَّر عنها بدَلالة رَقْميّة، بينما #التحليل_السِّياسيّ يعتَمِد على بَيانات نَوْعيّة نادِرًا ما يَكُون لها إسْقَاطات رَقْميّة، ممَّا يَجعل #التحلِيل_السِّياسيّ يختلِف باختِلاف خَلْفيّة المُحلِّل الفِكريّة والأَيْديولوجِيّة.

 

 

نادِرًا ما يَتِمّ استِخدَام التحلِيل الاقتِصاديّ أو السِّياسيّ كُلًّا بمُفرَده، فغالِبًا ما يَقْترِنان ببعَضْهما في ظِلّ #الاقتِصاد_السِّياسيّ، وتُؤكِّد التَّجارِب العَمَليّة على أنَّ #التحلِيل_السِّياسيّ الَّذي يَرْتكِز على مُخرَجات #التحلِيل_الاقتِصاديّ غالِبًا ما يَكُون أَدَقّ كَوْنه يعتَمِد على تَحلِيل قائِم على بَيانات عَدَديّة وكَمِّيَّة وقابِلة للتحلِيل الإِحْصائيّ ولَيْست نَوْعيّة.

 

شَارِك المَقَال