شَارِك المَقَال

يشكل قانون “نوبك” إحدى القضايا الخلافية بين الولايات المتحدة ومجموعة أوبك. فدول المجموعة ترى بهذا القانون تهديداً لها ولمصالحها. بينما ترى الولايات المتحدة به حماية لها من تحكّم الدول المصدّرة للنفط بسوق الطاقة العالمي. فما هو قانون نوبك؟ وما مصلحة الولايات المتحدة الأمريكية به؟

 

ما هو قانون “نوبك”؟

نوبك عبارة عن قانون أمريكي يُعدّ اختصاراً لكلمتي (NO OPEC) أو (لا أوبيك).  وهو اختصار لجملة “No Oil Production and Exporting Cartels”. ويسعى هذا القانون للحد من تحكّم مجموعة أوبك بأسعار النفط العالمية. كما يسعى لمحاكمة الدول والمنظمات المتّهمة بالمساهمة في ارتفاع أسعار النفط.

تمّ طرح فكرة القانون لأول مرة عام 2000م. إلا أنه لم يُقدّم للكونغرس الأمريكي بشكل رسمي إلا عام 2007م. وحتى الآن ما يزال مشروع قرار. لكونه حظي بموافقة الكونغرس. لكنه لم يحظَ حتى الآن بموافقة أيّ من الرؤساء الأمريكيين الذين تعاقبوا منذ عام 2007م حتى الآن.

يسعى القانون لإلغاء الحصانة التي تحمي أوبك وشركات النفط. وتمنع رفع أي دعاوى قضائية ضدهم. وهو ما يمنح المدعي العام الأمريكي القدرة على مقاضاة قادة أوبك وعلى رأسها السعودية وروسيا. كما يمكنه مقاضاة مُنتجين آخرين يعملون مع أوبك بمجموعة أوسع تُعرَف باسم أوبك+.

يرى المؤيدون للقانون أنه يحمي المستهلكين والشركات الأمريكية من الارتفاع القياسي في تكلفة المحروقات. وهو ما يعزز من ارتفاع تكاليف الإنتاج وارتفاع التضخم. إلا أنه في حال اعتماد القانون ستكون له تبعات خطيرة على سوق الطاقة العالمي. كما قد يعزز من حالات التوتر في العلاقات الدولية.

من جانبها ترفض السعودية وباقي أعضاء منظمة أوبك هذا القانون. وتضغط بقوة في كل مرة يتم فيها طرحه. ورغم إقراره من لجنة بمجلس الشيوخ الأمريكي فلن يتم العمل به قبل توقيعه من الرئيس الأمريكي. وهو ما يناور به الأمريكان الآن باعتبار أن القانون ورقة ضغط لزيادة إمدادات النفط.

يضخ تحالف أوبك 28.5 مليون برميل نفط يومياً. ومن خارج المنظمة 16.5 مليون برميل. أما أوبك+ فتنتج 42.16 مليون برميل يومياً. ويرى مؤيدو قانون “نوبك” أن كمية الإنتاج لا تغطي الحاجة الحقيقية للسوق. فالسعر الحالي للنفط غير عادل ومرتفع ولا بد من تحرير الإنتاج وزيادته لكي تنخفض الأسعار.

 

لماذا قانون “نوبك” الآن؟

فشلت الإصدارات السابقة من مشروع قانون نوبك بسبب مقاومة مجموعات صناعة النفط الأمريكية. إضافة إلى الضغوط الخليجية. لكن ارتفاع أسعار النفط بسبب الحرب الروسية الأوكرانية ساهم في دفع التضخم إلى أعلى مستوى له منذ عقود. من هنا أصبح الطريق ممهداً لإقرار القانون أو على الأقل التهديد به.

رفض منتجو أوبك+ طلبات من الولايات المتحدة وحلفائها بزيادة إنتاج النفط عن المعدلات الحالية. وهو ما دفع أسعار النفط لمزيد من الارتفاع. والتي لامست سابقاً حاجز 130 دولاراً للبرميل. خاصةً مع مخاطر خروج الإنتاج الروسي من النفط خارج السوق. وهو ما يمثّل 10% من إنتاج النفط العالمي.

 

ما عواقب إصدار القانون؟

إلى الآن لم يتم اعتماد القانون لكن التسرع في إصداره قد يؤدي لردات فعل خطيرة على الاقتصاد العالمي. بما في ذلك اتخاذ إجراءات اقتصادية معادية للولايات المتحدة. ففي عام 2019م هددت السعودية ببيع نفطها بعملات غير الدولار إذا أقرت واشنطن القانون. وهو ما يقوّض مكانة الدولار ويقلل من نفوذ واشنطن في التجارة العالمية.

من جهة أخرى يمكن لدول أوبك أيضًا شراء الأسلحة من دول أخرى غير الولايات المتحدة. أو تقييد الاستثمارات الأمريكية في بلدانهم أو رفع أسعار النفط المباع في الولايات المتحدة. ممّا يقوّض الهدف الأساسي لمشروع القانون.

كما أن شركات النفط الأمريكية بالداخل تعارض هذا القانون. خشية الإفراط في الإنتاج. مما يؤدي إلى انخفاض الأسعار لدرجة أن شركات الطاقة الأمريكية تواجه صعوبة في تغطية التكاليف. فتكون المحصلة في النهاية خسارة أمريكية كبيرة. خاصة أن تكاليف إنتاج النفط الأمريكي مرتفعة مقارنة بالخليجي. وهو ما يعني خسارة الشركات الأمريكية المنافسة معها.

علاوة على ذلك فإن رفع إنتاج النفط من منتجي أوبك في وقت تزداد المخاوف بشأن توقف إمدادات النفط الروسية. يمكن أن يقلل من نشاط الحفر في رقعة النفط الأمريكية. مما قد يُعرّض أمن الطاقة المحلي بل ويُعرّض الاقتصاد الأمريكي للخطر.

الخلاصة أن قانون نوبك رغم قدرته على الضغط على الدول الأعضاء في منظمة أوبك بزيادة الإنتاج. لكنه في الوقت نفسه تظل عواقبه غير محمودة وغير مأمونة بالنسبة للولايات المتحدة. وهو ما يحصره في دور ورقة المناورة والضغوط على الدول الأعضاء دون تنفيذ حقيقي للقانون.

شَارِك المَقَال