محافظة السويداء لا تمتلك مُقوّمات تُؤهّلها لتأسيس كيان مستقلّ، وأيّ محاولة للتَّفكير في الانفصال ستكون خطوةً غير محسوبة تَضُرّ بمصلحة الجميع، بما في ذلك أبناء السويداء أنفسهم.
وعلى الرَّغم من التَّحدّيات التي تَمُرّ بها البلاد، فإنّ الحلول تَكمُن في الحوار والتَّفاهُم، وليس في التَّقسيم أو السَّعي لخَلْق كيانات منفصلة لا تمتلك الأُسُس الاقتصاديَّة أو الجغرافيَّة اللَّازمة للاستمرار.
السويداء، كغيرها من المحافظات السورية، تعتمد بشكلٍ كبيرٍ على تواصلها مع بقية مناطق البلاد إذ لا تمتلك أيّ مَنْفذ بحريّ أو موارد طبيعيَّة كافية لدَعْمٍ اقتصادٍ مستقلّ. والزراعة، التي تُشكِّل جزءاً كبيراً من نشاطها الاقتصاديّ، ليست كافية لتحقيق الاكتفاء الذاتيّ، كما أنَّ مُساهمة المحافظة في النَّاتج المحلِّيّ الإجماليّ محدودة. وفي غياب الدَّعم الحكوميّ أو المساعدات الخارجيَّة، سيكون من الصَّعب بناء اقتصاد مستدام قادر على تلبية احتياجات السُّكان.
التَّجارب الدوليَّة تُقدِّم دروساً واضحة. إقليم كتالونيا في إسبانيا، رغم قُوّته الاقتصادية، لم ينجح في مساعيه للانفصال بسبب افتقاده للدَّعْم الدوليّ. وكذلك، فإنَّ تجربة كردستان العراق تُوضّح كيف أن محاولات الانفصال دون تَوافق وطني وإقليميّ يمكن أن تُؤدّي إلى عُزْلة سياسيَّة واقتصاديَّة.
في الحالة السورية، أيّ محاولة لتقسيم البلاد ستُؤدِّي إلى إضعاف الجميع. لبنان يُقدِّم مثالاً واضحاً على تداعيات الانقسامات الداخليَّة؛ حيث أدَّت الطائفية والتجزئة السياسيَّة إلى عَرْقلة التنمية وخلق أزمات مستمرة.
الحفاظ على وحدة سوريا هو الضَّامن الوحيد لتحقيق الاستقرار والتنمية. والخلافات مهما كانت كبيرة يمكن حلّها بالحوار، لكنَّ تَفْتيت البلاد سيجعل أيّ خلافٍ مستقبليّ أكثر تعقيداً. ولذا فإنَّ صوت الحكمة يَفْرض على الجميع العمل من أجل مستقبل مُوحَّد، يضمن للأجيال القادمة فرصة للعيش في وطن آمِن موّحد ومستقرّ.