تعد الحرب الروسية الأوكرانية التهديد الأخطر للسلم العالمي منذ الحرب العالمية الثانية. لكن خطورتها لن تنتهي بنهايتها. فهذه الحرب قد تكون مرحلة مهمة في تاريخ العلاقات الدولية. وقد تترك أثراً واضحاً على البنية السياسية للنظام الدولي الحالي. فما هي الآثار المباشرة للحرب الروسية الأوكرانية على النظام الدولي الحالي؟ والسؤال الأهم: هل ترسم الحرب الروسية الأوكرانية معالم نظام دولي جديد؟
خضع النظام الدولي في ظل الحرب الباردة لقطبية ثنائية تمثلت بالولايات المتحدة والاتحاد السوفييتي. والندية بين هذين القطبين ساهمت بشكل مباشر في ضمان حد أدنى من الاستقرار الدولي. إلا أن هذه الثنائية انتهت بانهيار الاتحاد السوفييتي ليكون العالم بعدها ضمن قطبية أحادية متمثلة بالولايات المتحدة الأمريكية.
في الحقيقة قد يكون من الصعب التكهن بدقة بسيناريوهات نهاية الحرب الروسية الأوكرانية. لكن المؤكد أنها ستنتهي بعالم مختلف عما كان قبلها. وهذا الاختلاف إما سيكون باتجاه قطبية دولية متعددة. أو باتجاه تعزيز غير مسبوق للقطبية الأحادية الأمريكية.
في حال هزيمة روسيا وعدم قدرتها على تحقيق الأهداف التي غزت أوكرانيا من أجل تحقيقها. فستتعزز القطبية الأمريكية بشكل غير مسبوق. وسينعكس هذا الأمر سلباً على الموقع الدولي لروسيا بشكل رئيس وللصين بشكل ثانوي.
أما في حال انتصار روسيا فسيكون هذا الأمر مدخلاً لثنائية قطبية وربما تعددية قطبية. فهذا الانتصار في حال حدوثه سيعزز من المكانة الدولية لكل من روسيا والصين والهند وغيرها من الدول. وهو ما قد يفرض ملامح نظام دولي جديد ونهجاً جديداً في العلاقات الدولية.
لكن السيناريو الأسوأ يتمثل بعدم قبول اللاعبين الدوليين الحاليين بأي تغيير للنظام الحالي. وهذا ما قد يدفع باتجاه حرب عالمية. وهذا الأمر لا يمكن حدوثه إلا في حال رأت إحدى الدول الكبرى أن نتائج الحرب ستُقصيها عن المشهد العالمي أو ستسبب تحجيماً لدورها. ويبقى الحكم على هذه السيناريوهات لقادمات الأيام وما تخفيه من تطورات سياسية وعسكرية.