شَارِك المَقَال

في ظل الحرب الروسية الأوكرانية وما تفرع عنها من أزمات اقتصادية على رأسها قضية إمدادات الغاز الروسية إلى أوروبا. والاضطرابات التي شهدها سوق الطاقة العالمي. أدت هذه التطورات إلى دعم التوجه العالمي نحو الطاقة النظيفة. وذلك للحماية من تذبذبات سوق الطاقة. سواء تذبذب الأسعار أو اضطرابات التوريد. والسؤال هنا: هل تكون الحرب الروسية الأوكرانية سبباً لتوجُّه العالَم نحو الطاقة النظيفة؟

لماذا الاهتمام بدعم استخدام الطاقة النظيفة؟

إذا كان هذا الأمر يبدو مهماً على مستوى العالم أجمع. فهو أشد أهمية على مستوى القارة الأوروبية. بسبب التهديد المستمر لاستقرار توريدات حوامل الطاقة إليها. سواء على مستوى الشركات الخاصة أو الحكومات. فهناك خطط حكومية متوسطة وطويلة الأجل تستهدف زيادة مساهمة الطاقة النظيفة.

تظهر التوجهات الدولية لدعم استخدام الطاقة النظيفة من خلال عدة مؤشرات. منها خطة وكالة الطاقة الدولية (IEA) والمؤلفة من 10 خطوات. لتمكين أوروبا من تقليل اعتمادها على واردات الغاز والنفط الروسية في غضون عام. من خلال مجموعة من تطبيقات الطاقة الخضراء.

كما تعتمد هذه الخطة على التوسع في استخدام الطاقة الشمسية وطاقة الرياح. ورفض توقيع أي عقود أخرى لتسليم الغاز مع روسيا.

 وفي السياق ذاته كثّفت ألمانيا جهودها في مجال الطاقة المتجددة. وذلك بإطلاق مشروعات لإنتاج طاقة الرياح والطاقة الشمسية. وتحاول وزارة الاقتصاد تمرير قانون مصادر الطاقة المتجددة من خلال البرلمان. بهدف زيادة دعم الألواح الشمسية. مما يضمن أن البلاد يمكن أن تعتمد بالكامل على الطاقة النظيفة بحلول 2035.

 

ما أبرز العقبات التي تعترض التحول للطاقة النظيفة؟

إن مشروعات التحول للطاقة النظيفة ليست سهلة. ودونها عقبات عدة. من أبرز هذه العقبات أن روسيا وأوكرانيا من الموردين الرئيسيين للمعادن الرئيسة المستخدمة في تصنيع تقنيات الطاقة النظيفة. مثل الألواح الشمسية وتوربينات الرياح وبطاريات السيارات الكهربائية. فالحرب الحالية بين روسيا وأكرانيا تَحُدّ من الإمداد بهذه المواد.

مشروعات التحول للطاقة النظيفة تتطلب إمدادات آمنة وثابتة وبأسعار معقولة من مستلزمات إنتاج الطاقة النظيفة. وهو ما يعتمد على ما يسمى “معادن انتقال الطاقة” مثل النحاس والنيكل والبلاتين والبلاديوم والألمنيوم والليثيوم. وهذا ما يعني أن العقوبات الغربية على الشركات الروسية تعوق عمليات الإمداد. وهو ما يشكل عقبة إضافية في وجه هذه المشروعات.

كيف أثرت الحرب الروسية الأوكرانية على مشاريع الطاقة النظيفة؟

انعكست الحرب الروسية الأوكرانية على مشاريع الطاقة النظيفة. فقد ارتفعت أسعار النيكل بعد الحرب بنسبة 250%. خاصة أن روسيا تنتج 7% من إنتاج العالم من هذه المعدن المهم في صناعة البطاريات. كما تنتج موسكو ثلث البلاديوم في العالم والذي يُستخدم للتحكم في الانبعاثات الضارة من السيارات. وبسبب الحرب أيضًا ارتفع سعره.

كما تضررت مجموعة من العناصر الكيميائية المعروفة باسم “الغازات النبيلة”. والتي تعد أوكرانيا المورّد الأكبر لها بالعالم. وتشمل النيون والكريبتون. وتُستخدم لصنع رقائق أشباه الموصلات. وهي عنصر مهم بجميع الأنظمة الإلكترونية الموجودة بالسيارات وآلات الطاقة المتجددة وغيرها من التقنيات.

قد تؤدي العقبات الأخيرة إلى عرقلة الجهود الدولية الرامية لزيادة الاعتماد على الطاقة النظيفة وتقليل الاعتماد على الوقود الأحفوري. والذي كان بطيئاً للغاية بالفعل قبل الحرب. حيث كان تطوير مشروعات الطاقة الشمسية وطاقة الرياح أقل بنسبة 30٪ عما هو مطلوب لتحقيق أهداف المناخ في العالم خلال هذا العقد.

شَارِك المَقَال