شَارِك المَقَال

 

 

تختلف المبادئ الحالِيّة الَّتِي يتّبعها #البنك_المركزيّ في #إصدار_النَّقْد عن تلك الَّتِي سادت في الفترات السَّابقة، وشهدت هذه المبادئ تطوّرات عديدة حتى وصلت لشكلها الحاليّ، سنستعرض أهمّ هذه التطوُّرات في النقاط التَّالية.

 

مرَّت سُلْطَة #البنك_المركزيّ في #إصدار_النُّقُود بتغييرات عديدة على مدى التّاريخ، وقامت على مدارس اقتصاديَّة متعدِّدَة؛ بحيث كانت كُلّ مدرسة تَفْرِض نظاماً جديداً يلغي ما قبله بما يعكس تطوُّر العلوم الاقتصاديَّة وتنامي الاقتصاد المحلِّيّ والعالميّ.

 

أُولى مدارس #إصدار_النَّقْد هي المدرسة المصرفيَّة، وتقوم هذه المدرسة على أنَّ #البنك_المركزيّ يقوم بإصدار المزيد من #النُّقُود تَبَعَاً للسِّياسة الائتمانيَّة للمصارف التجاريَّة، فعندما تتوسَّع #المصارف_التجاريَّة بمنح الائتمان يكون #الاقتصاد بحالة رَوَاجٍ، وبالتَّالي لا بُدَّ من التوسُّع ب #إصدار_النَّقْد لمقابلة هذا التوسُّع.

 

إخضاع #السِّياسة_النَّقْديَّة بالكامل لطبيعة النَّشاط الاقتصاديّ في الدَّولة من شأنه أن يقود #العُمْلَة_المحليَّة للتَّرَاجُع، ورُبَّما الانهيار كَوْن #التَّضَخُّم المصاحِب لإصدار المزيد من #النُّقُود سيقود لتَضَخُّمٍ جديدٍ، وهذا ما حدث لعُمْلَة فنزويلا وزيمبابوي؛ إذ بلغ سعر رغيف الخبز 35 مليون دولار زيمبابوي.

 

المَدْرسة الثانية لإصدار النُّقُود تعتمد الأساس النَّقْديّ، ومرَّت هذه المدرسة بعدَّة تطوُّرات خلال القرنين السَّابقين؛ بحيث كان كُلّ تَطَوُّر يعكس تطوُّر الاقتصاد العالميّ وحاجته لسياسة نقديَّة جديدة متناسبة مع الظروف الجديدة.

 

بدأت المدرسة النَّقْديَّة مع #قاعدة_الغطاء_الذَّهَبيّ الكامل، وتمَّ بموجب هذه القاعدة حَدّ سُلْطَة #البنك_المركزيّ في #إصدار_النُّقُود بقيمة #الذَّهَب الموجود لديه، فلا يستطيع البنك المركزيّ إصدار نقودٍ تتجاوز قيمتُها قيمةَ الذَّهَب الموجودِ لديه.

 

لاحقاً تمَّ استبدال #قاعدة_الغطاء_الذَّهَبيّ الكامل بالغطاء الذَّهَبي الجزئيّ أو النسبيّ، ومُنِحَ #البنك_المركزيّ بموجب هذه القاعدة مرونةً أعلى في #إصدار_النُّقُود، بمعنى إمكانِيّة تجاوز قيمة النَّقْد قيمة الذَّهَب الموجود، ولكن بنسبة مُحَدّدَة، وبالرّغم من المرونة النسبيَّة في هذه القاعدة إلا أنَّها بقيتْ مرونةً مُقيَّدةً.

 

لاحقاً تمَّ التَّخَلِّي عن القواعد السَّابقة لصالح قاعدة الحَدّ الأعلى ل #الإصدار_النَّقْديّ؛ فلم يَعُدْ يُشْتَرَط وُجُود تناسب بين كميَّة العُمْلَة المُصْدَرَة وبين قيمة #الذَّهَب، إلَّا أنَّه تمَّ تقييد سُلْطَة #البنك_المركزيّ بحدٍّ أعلى للإصدار النَّقْديّ لا يجوز له تجاوزه، ممَّا حَدَّ من قُدرة البنك المركزيّ على التَّحَكُّم بالاقتصاد.

 

المرحلة الأخيرة والحالية في المدرسة النَّقْديَّة هي نظام الإصدار الحُرّ، فيمكن وَفْق هذا النِّظام ل  #البنك_المركزيّ إصدار الكميَّة الَّتِي يراها مناسبةً من #النَّقْد، دون ارتباط هذه الكميَّات بأيِّ قيدٍ ذَهَبِيٍّ أو حَدّ أقصى للإصدار، وهو ما تَتَّبعه غالبيَّة البنوك المركزيَّة في العالم حالِيّاً.

 

وَفْق نظام الإصدار الحُرّ يملك #البنك_المركزيّ سُلْطَةً مُطلَقَة في #إصدار_النَّقْد، وبالتَّالي زادت من قدرة البنك المركزيّ على التحكُّم في #الاقتصاد وتوجيهه، فبات بالإمكان من خلال السِّياسة النَّقْديَّة توجيه الاقتصاد إلى الجهة الَّتِي يرى البنك المركزيّ ومِن خَلْفه الحكومة مصلحةَ الدَّولة بها.

شَارِك المَقَال