يواجه اقتصاد دول مجلس التعاون الخليجي صدمات مزدوجة ناتجة عن جائحة”كورونا” من جهة. بالإضافة إلى انخفاض أسعار النفط عالمياً من جهة أخرى. على سبيل المثال فقد انخفض نمو إجمالي الناتج المحلي في الكويت عام 2020 مع تراجع عائدات النفط بنسبة 16.6%. بالإضافة إلى انخفاض الإيرادات غير النفطية بسبب ضعف النشاط الاقتصادي.
فيما بعد انحسار وباء “كورونا” عالمياً ستقف بلدان مجلس التعاون الخليجي على مفترق طرق في محاولة للتعافي الاقتصادي. فضلاً عن تدارك تداعيات الركود الذي طالها. لكن ماذا سيكون مفتاحها الرئيس لبلوغ هذا الهدف؟
في الحقيقة يعتمد مستقبل دول مجلس التعاون الخليجي فيما بعد “كورونا” بشكل رئيس على الإيرادات غير النفطية. وفي مقدمتها نواتج رأس مالها البشري ومدى قدرتها على مواصلة تعزيز تنمية الأجيال الجديدة. وما يدعم ذلك أن معظم هذه البلدان أحرزت تقدماً في مؤشر “رأس المال البشري” طوال السنوات العشر الماضية.
بحسب تقديرات “مجموعة البنك الدولي” فإن إنتاجية الطفل المولود اليوم في دول مجلس التعاون الخليجي ستبلغ ما بين 56%. وستبلغ 67% عندما يكبر وخاصةً إذا تمتع بقدر كامل من التعليم والصحة في عمر 18 سنة. وحتى يتسنى لها تحسين هذا المؤشر تنفذ حكوماتها مجموعة استراتيجيات سنورد أبرزها فيما يلي.
تعتبر الإمارات في طليعة الدول الحريصة على الاستثمار في رأس المال البشري خليجياً. ففي 2020 خصصت حكومتها أكبر نسبة من الموازنة العامة للدولة لقطاعي الرفاهية البشرية والتنمية الاجتماعية بنسبة 42.3%. وتضمن ذلك 17% من الموازنة المخصصة للصحة و7.3% للتعليم.
تركز بعض برامج حكومة الإمارات في قطاع الصحة على مكافحة السمنة لدى الأطفال والمراهقين. وذلك من خلال سجل وطني لمتابعة معدلات نمو الطلاب. بالإضافة إلى تحسين سلامة المرضى واستخدام الأدوية عبر تطبيقات ذكية. فضلاً عن فرض ضريبة 100% على معدات التدخين الإلكترونية وضريبة 50% على المشروبات المحلاة بالسكر.
أما في مجال التعليم فقد شملت استراتيجية الإمارات 2021 إطلاق منصة إلكترونية تقدم أكثر من 5000 فيديو تعليمي مجاني باللغة العربية. مع التركيز على العلوم الطبيعية والعلوم العامة. ويرتاد المنصة الآن أكثر من 1.5 مليون طالب في 20 بلداً من مرحلة رياض الأطفال إلى الصف الثاني عشر.
بينما في الكويت تهدف الخطة الوطنية لدمج برامج تنمية الطفولة المبكرة في وزارة التربية. بالإضافة إلى إعادة تطبيق تطوير المناهج الدراسية القائمة على الكفاءة. مع احتواء ذوي القدرات الخاصة في المدارس الحكومية والخاصة. وصياغة استراتيجية وطنية للتوظيف تركز على تمكين الشباب والتحول الرقمي وتوطين الوظائف.
على المستوى الصحي تهدف الخطة الوطنية في الكويت لاتباع نهج أكثر شمولية للحد من الفجوات في أداء رأس المال البشري. وتشمل التدابير الرئيسة الحالية إحراز تقدم على صعيد مبادرات المدن الصحية. والحد من انتشار الأمراض غير المعدية وتقليل معدلات الوفيات المرتبطة بها.
في النهاية اهتمت المملكة العربية السعودية بتطوير الرعاية الصحية ضمن رؤية 2030. ويتمثل أحد أهدافها الرئيسة في الحد من معدل انتشار الأمراض غير المعدية. وتقليص معدلات التدخين من خلال فرض الضرائب على منتجات التبغ والمشروبات السكرية. بالإضافة إلى ترويج المنتجات الغذائية الصحية في المدارس وأماكن العمل الحكومية.