شَارِك المَقَال

تزامن شهر رمضان في سوريا مع دخول البلاد قائمة أسوأ 6 بلدان على صعيد الأمن الغذائي. فأكثر من نصفهم يواجه خطر الجوع وانعدام الأمن الغذائي. و28% من الأطفال السوريين يعانون من التقزم. وعلى الرغم من أن هذه الأزمات قديمة إلا أن تصاعدها يهدد بكارثة إنسانية تهدد الملايين. في ظل انعدام أفق حقيقي لتحسن الأوضاع.

ما واقع الأمن الغذائي في سوريا؟

وفقاً لمنظمة الأمم المتحدة فإن 12,1 مليون سوري يعانون من انعدام الأمن الغذائي. وهي بذلك ضمن أسوأ 6 بلدان على مستوى العالم من حيث الأمن الغذائي. ويوجد 2,9 مليون شخص مهدد بالانزلاق إلى مرحلة انعدام الأمن الغذائي.

من جهة أخرى تقول التقارير الأممية بأن 70% من السوريين لا يتمكنون من توفير الطعام لعائلاتهم في عموم سوريا. وترتفع هذه النسبة إلى 84% في شمال غرب البلاد. وإلى 90% ضمن سكان المخيمات. كما أن 26% من الأسر تقضي يوماً كاملاً بدون طعام. ويتكرر ذلك عدة مرات شهرياً. وتزيد المأساة في ظل فقر مدقع تجاوزت نسبته 90%.

كما أن نقص الغذاء في سوريا يشمل الكم والنوع. فتراجع نوعية الغذاء وافتقاره للبروتين أدى لانتشار الأمراض. فأكثر من 28% من الأطفال في سوريا يعانون من التقزم. و25% من الأمهات في شمال شرق سوريا يعانين من سوء التغذية. وتصاعدت هذه التهديدات في ظل تضخم غذائي بلغ 169.5% عام 2021م.

وعلى الرغم من انخفاض أعداد الوفيات الناتجة عن العنف في سوريا هذا العام لأدنى مستوياتها منذ مارس 2011م. إلا أن هناك 1600 مدني بينهم 23 طفلاً و10 نساء توفوا بسبب “سوء الحالة الصحية” الناتجة عن سوء التغذية. وبالتحديد في شمال غرب البلاد.

 

المنظمات الأممية… حضور إعلامي وتراجع في الفاعلية

في الحقيقة تعترف المنظمات الأممية المعنية بأوضاع السوريين بأنها لا تستطيع مواجهة الكارثة السورية. فبرنامج الغذاء العالمي لم يتمكن من تغطية سوى 52.89% من المحتاجين.

كما لم يقدم برنامج الغذاء العالمي مساعداته إلا لـ6 ملايين سوري. بسبب نقص التمويل. وحالياً يحتاج البرنامج إلى 450 مليون دولار بشكل عاجل. لكي يتمكن من استمرار تقديم الدعم الغذائي لنصف السوريين الذين يعانون من انعدام الأمن الغذائي. وذلك في ظل شُح مصادر التمويل الدولية.

الأمن الغذائي في سوريا بين المشكلة والحل

في الواقع تتعدد أسباب انعدام الأمن الغذائي في سوريا. والتي تفاقمت في شهر رمضان هذا العام. فبخلاف دمار البنية التحتية نتيجة قصف النظام. والأزمة الاقتصادية في لبنان منذ عام 2019م. تأثرت البلاد بانتشار فيروس كورونا وتداعيات الحرب في أوكرانيا. ثم بزلزال 6 فبراير الأخير.

عقب الزلزال ارتفع سعر دقيق القمح بنسبة 20%. بسبب تضرر المزارع وأنظمة الري. خاصةً في المحافظات الشمالية الغربية. حيث يوجد حوالي 50000 هكتار من الحقول المزروعة. فالجميع بات يركز على إعادة بناء المنازل في ظل عدم القدرة على مواصلة العمل الزراعي.

من ناحية أخرى أثّر الجفاف على الإنتاج الزراعي. إضافةً لتراجع حاد في مستوى الدخل. ووجود فجوة حادة بين مستوى الدخل والحد الأدنى للمعيشة. فمتوسط دخل الموظف الحكومي لا يتجاوز 100 ألف ليرة سورية شهرياً (15 دولاراً). بينما الحد الأدنى المطلوب لمعيشة الأسرة يفوق ذلك بعشرات الأضعاف.

وفقاً لمؤشر قاسيون فإن الحد الأدنى لتكلفة غذاء أسرة من 5 أشخاص يبلغ 2,1 مليون ليرة سورية (275 دولاراً). وهو ما يعادل 18 ضعف متوسط مستوى الأجور. فأجر الموظف الحكومي لا يكفي لإطعام فرد واحد.

بالطبع إن إيجاد حل لمشكلة الأمن الغذائي في سوريا تتطلب توفر بيئة اقتصادية وسياسية داعمة للاستقرار. فالاضطراب السياسي والفوضى الأمنية تساهم في تراجع الإنتاج الزراعي. وتؤثر على متوسط الدخل السائد. وهو ما يؤثر بدوره سلباً على الأمن الغذائي.

في النهاية يبدو الحل السياسي في سوريا بعيد المنال على الأقل في المدى المنظور. وهو ما يشي باحتمال تصاعد مخاطر المجاعة. وهو ما يحتم على المؤسسات الأممية الاضطلاع بدورها. لتخفيف تبعات هذه الكارثة على السوريين.

شَارِك المَقَال