شَارِك المَقَال

 

تتزايَد وَتِيرة #الصِّراعات_التِّجاريّة في العالَم أَجْمع بحيث غَدَتْ سِمَة لازِمة من سِمَات العَلَاقات الدَّوْليّة في العالَم، وغَدَتْ هذه الصِّراعات وَسِيلة لتَنْفيذ أَجِنْدات الدُّوَل عِوضًا عن القُوَّة العَسْكريّة، فمَن المُستفِيد من تَأْجيج هذه الصِّراعات؟ وما تَداعِياتها؟ ومَنْ هُم أَبْرَز ضَحاياها؟

 

يُعتبَر الصِّراع التِّجاريّ بين #الوِلايات_المُتَّحِدة_الأَمْريكيّة و #الصين أَبْرز أَشْكال الصِّراع التِّجاريّ في العالَم، لا سيَّما أنَّ آثار هذا الصِّراع تَعدَّت هاتَيْن الدَّوْلتين ليَتأثَّر به مُختلِف دُوَل العالَم، وليؤثِّر على الواقِع الاقتِصاديّ العالَميّ الهَشّ أساسًا، فما أَسْباب هذا الصِّراع وما تَداعِياته؟

 

على الرَّغْم من تصاعُد وَتِيرة الصِّراع التِّجاريّ الأَمْريكيّ الصِّينيّ مُؤخَّرًا إلَّا أنَّه ليس حَدِيث العَهْد، فجُذُور هذا الصِّراع تعود إلى 2001 عندما دعَّمَت أَمْريكا الصِّين في انْضِمامها ل #مُنظَّمة_التِّجارة_العالَميّة، وذلك على أَمَل التَّمكُّن من مُراقَبة اقتِصاد #الصِّين عن كَثَب، وتقول التقارير الأَمْريكيّة إنَّ الصِّين بدُخولها مُنظَّمة التِّجارة العالَميّة هَدَفت لتَغْيير المُنظَّمة بما يُحقِّق مصالِحها.

 

تتعدَّد الأْسْباب المُؤدِّية للصِّراع التِّجاريّ الصِّينيّ الأَمْريكيّ، فمنها سَعْي كِلَا العَمْلاقَيْن الاقتِصادِيَّيْن للسَّيْطرة على الاقتِصاد العالَميّ، إضافةً لتأثُّر أمريكا سَلْبًا بانْضِمام #الصِّين لمُنظَّمة التِّجارة العالَميّة، وهو ما يُسمَّى ب #الصَّدْمة_الصِّينيّة، حيث تأثَّرت بعض الوِلايات الأَمْريكيّة سَلْبًا بالتَّوغُّل الاقتِصاديّ الصِّينيّ، وهي الوِلايات المُؤيِّدة انتخابيًّا للرئيس #ترامب، وهي ما سُمِّيَتْ بوِلايات الحِزَام الصَّدِئ.

 

بَدأَت الحَرْب التِّجاريّة بفَرْضٍ مُتبادَل للرُّسُوم الجُمْركيّة على بَضائِع البَلدَيْن وذلك في مارِس 2018م، وبَلغَت قِيمة الرُّسوم الجُمْركيّة المَفْروضة من كِلَا الجَانبَيْن ما يُقارِب 100 مليار دولار، وبناءً على تقرير ل #مُنظَّمة_الأونكتاد فإنَّ دُوَل #الاتِّحاد_الأُوروبيّ استَفادت من هذه الرُّسُوم من خلال زيادَة تَبادلُها التِّجاريّ مع الصِّين وأَمْريكا، حيث استَحْوذَت على 70 مليار دولار من حَجْم التَّبادُل التِّجاريّ بين الصين وأمريكا.

 

واسْتمَرّ هذا الصِّراع بالتَّصاعُد بعد حَظْر مُتبادَل للمُنتَجات التِّكْنولوجيا، كحَظْر #هواوي الصِّينيّة في عام 2019م إضافةً لحَظْرها مُنتَجات شَرِكة #Tencent المالِكة لتَطْبيق #WEchat وشَرِكة #Bytedance المالكة لتطبيق #Tik_Tok وفي المُقابِل قامَت الصين بفَرْض قُيود على شَرِكة #آبِل والتَّهديد المُستمِرّ بحَظْرها في الصِّين.

 

وفي بِدَاية انْتِشار #فَيْروس_كورونا في الصِّين ومع إِعْلان الصِّين عَدَم قُدْرتها على السَّيْطرة على انْتِشار الفَيْروس هَوَتْ أسْعَار أَسْهُم الشَّرِكات الأجنِبيّة في الصِّين وسارَع العَديد من الشَّرِكات لبَيْع أَسْهمها، وكان المُشْترِي الأَكْبر لهذه الأَسْهم هو #الحُكومة_الصِّينيّة، فهل كان هذا الإِعْلان حَقيقيًّا أَمْ أنَّه أَحَد فُصُول الصِّراع التِّجاريّ.

 

ممَّا لا شكّ فيه أنَّ الصِّراع التِّجاريّ ليس في طَريقِه للحَسْم على الرَّغْم من بعض التَّهْدئة والمُفاوَضات الَّتي تَنطلِق كلّ فَتْرة، وممَّا لا شكّ فيه أيضًا أنَّ هذه الصِّراعات التِّجاريّة لا تَختلِف في أَثَرها السَّلبيّ عن الصِّراعات العَسْكريّة، فالأَفْراد هم الأَكْثر تأثُّرًا بها، فسُكَّان وِلايات الحِزَام الصَّدِئ في أمريكا تأثَّروا بشَكْل مُباشِر بهذا الصِّرَاع.

 

كما أنَّ الصِّينيِّين المُقيمِين في أمريكا والَّذين يُقدَّر عَدَدهم بـ 4 مليون شخص باتوا يُعانُون من صُعوبة في التَّواصُل مع أَهْلهم في #الصِّين بعد حَظْر التَّطْبيقات الصِّينيَّة، فعلى الرَّغْم من مكاسِب بعض الدُّوَل الأخرى مِن هذا الصِّراع فإنَّ آثاره السَّلْبيّة تَفُوق بأضَعْاف نتائِجه الإيجابِيَّة.

 

يتخوَّف المُراقِبون الاقتصاديُّون من تصاعُد التَّوتُّرات التِّجاريَّة وتحوُّلها إلى حروبِ عُمَلات، ممَّا سيسبِّب صعوبةً في سَداد الدُّيُون بالدولار، وخاصَّةً مع انْضِمام اقتِصادات جَديدة لهذا الصِّراع، ممَّا يَجعَله صِراعًا عالميًّا تَتلاشَى معه مَبادِئ التِّجارة الحُرَّة.

 

تَورُّط #الولايات_المتَّحِدَة_الأَمريكيّة و #الصِّين في الصِّراع التجاريّ الحاليّ، يُهدِّد التِّجارة الحُرَّة على مستوى العالَم، ويُقوِّض التَّوازُن الاقتِصاديّ العالَميّ الهشّ، ولا رَابِح حقيقيّ في هذه الصِّراعات، لكنْ سيتَضرَّر الاقتِصاد العالَميّ لا سيَّما اقتِصاد #الدُّوَل_النَّامية.

 

 

شَارِك المَقَال