تتعرض التجارة العالمية لأزمة حقيقية هذه الأيام. حيث تتمثل الأزمتان في تعطل قناتي بنما والسويس في ذات الوقت. وهو ما ضرب سلاسل التوريد حول العالم بمقتل في فترة حرجة. ينتظر فيها العالم البضائع والسلع مع قرب فترة الأعياد. بخلاف احتياجاته المعتادة من النفط والحبوب.
من جهة أخرى ولتوضيح أهمية القناتين في حركة الشحن العالمية. يكفي أن نذكر أنه في الربع الثالث من هذا العام. عبر أكثر من نصف شحن الحاويات من آسيا لأوروبا أو من أمريكا الشمالية واللاتينية للقارة العجوز من خلال قناتي بنما أو السويس.
أما بالنسبة لقناة بنما فقد تسبب الجفاف في تعطيل حركة المرور بالقناة. حيث كان شهر أكتوبر الماضي الأكثر جفافاً في بنما منذ عام 1950م. وهو ما يعود إلى ظاهرة النينيو المناخية التي أثرت على درجات الحرارة. وأدت إلى قلة هطول الأمطار على مستوى العالم. وهو ما أدى إلى تخفيض عدد السفن التي تمر عبر القناة. حيث ستقتصر بحلول فبراير المقبل على 18 سفينة فقط يومياً.
لهذا السبب فإنه وخلال الأسبوع الأول من شهر ديسمبر الجاري عبرت 167 سفينة فقط. مقارنةً بـ 238 سفينة في العام الماضي. وانتظرت بعض السفن ما معدله 12.2 يوماً لعبور القناة التي يبلغ طولها 50 ميلاً من المحيط الهادئ إلى الأطلسي. مع تقطع السبل ببعضها لأكثر من أسبوعين.
من ناحية أخرى وفي مواجهة التأخير المتزايد اضطرت شركات الشحن العالمية إلى اتخاذ طرق أطول وأكثر تكلفةً. حيث أعلنت مجموعة هاباج لويد الألمانية عن تحويل ما لا يقل عن 42 سفينة من بنما إلى قناة السويس. وهو ما يضيف خمسة أيام إلى الرحلات التي تسافر بسرعة 16 عقدة. ولكن الوضع بقناة السويس لم يكن أفضل حالاً.
بالطبع تعاني قناة السويس هذه الأيام من مرور الطائرات المسيرة والصواريخ البالستية القادمة من الجنوب حيث الحوثيين. والتي تستهدف في الأساس السفن المتجهة لإسرائيل. لكنها تثير القلق بالنسبة لحركة المرور في القناة.
في الحقيقة هذا أجبر بعض شركات التأمين بالفعل على اتخاذ طريق رأس الرجاء الصالح. ما يعني تكلفةً أكثر ووقتاً أطول يصل لـ6 أيام أكثر. وقام العديد من مالكي السفن بتطبيق رسوم إضافية بمئات الدولارات لكل حاوية. حيث زادت تكلفة المرور بما يصل لملايين الدولارات لكل حاوية.
كما أعلنت بعض الشركات عن رسوم إضافية لمخاطر الحرب. تصل إلى 80 دولاراً لجميع الشحنات من وإلى إسرائيل.
في النهاية يسلط هذا الوضع الضوء على مرونة التجارة العالمية. في ظل ضيق الخيارات العالمية المتاحة للشحن وحركة مرور السفن. وهو ما يلزم الدول خاصةً الصناعية الكبرى منها بإعادة النظر في طرق وأساليب بديلة للشحن ونقل البضائع.