رغم التوترات الأمنية المستمرَّة في محافظة السويداء، والتدخُّل الإسرائيلي المباشر؛ فإنّ الحديث عن الفيدرالية أو مشاريع انفصالية في سوريا لا يتجاوز حدود المناورة، ويصطدم بواقع سياسي وجغرافي وإقليمي يجعل هذه السيناريوهات غير قابلة للتطبيق.
السبب الأول أن الحكومة السورية تَرفض رفضاً قاطعاً أيّ حديث عن الفيدرالية أو التقسيم، وتَعتبر وحدة سوريا قضية أمن قومي. فالقبول بهذا الخيار يعني فتح الباب لحروب أهلية طائفية وعرقية مُدمّرة، تدفع بالدولة نحو تفكُّك شامل تتَّسع تداعياته لتشمل المنطقة بالكامل.
السبب الثاني أنّ الدعوات للفيدرالية لا تَحْظَى بقبولٍ شعبيّ واسع، بل على العكس، تُؤكّد معظم الدراسات الميدانية والمسوح المجتمعية أنّ غالبية السوريين، يَرفضون فكرة التقسيم ويؤيدون بقاء الدولة المركزية.
أكَّدت دراسة مسحية نظَّمتها منظمة “اليوم التالي”، وهي منظمة مجتمع مدني سورية، تعمل لدعم الانتقال الديمقراطي في سوريا، أنّ غالبية السوريينَ أيَّدُوا سلطةَ الدولة، 57% من السوريين يُعارِضون الفيدرالية بشدة.
أما السبب الثالث، فيتمثل في أن البيئة الإقليمية والدولية لا تدعم تفتيت سوريا، بل إنّ هناك توافقاً واسعاً على دعم وحدة الأراضي السورية؛ لأن أيّ مشروع انفصال في السويداء -كمنطقة ذات غالبية درزية- قد يشعل موجات انفصالية في لبنان، ويُغذّي النزعات القومية الكردية، وهو ما تَعتبره تركيا، تهديداً مباشراً لأمنها القومي.
الواقع السياسي والرفض الداخلي والإقليمي لأيّ مشروع تقسيمي، يجعل من محاولات ميليشيات محلية، مثل تلك التابعة للهجري، مُجرَّد مُغامَرة محكوم عليها بالفشل. لا تَلقى أيّ دعم وطني ولا إقليمي ولا دولي.